IMLebanon

العامل الخارجي وتأثيره في بناء «التحالفات الانتخابية»؟  

 

تعطي المؤشرات الأولية المتتالية هذه الأيام، صورة مبدئية عما ستكون عليه «التحالفات الانتخابية» المتوقعة، ولبنان بات على مرمى ثلاثة أشهر ونيف من موعد اجراء الانتخابات النيابية في ايار المقبل، وذلك على الرغم من الاشكالية الجديدة التي دخلت على الخط – بين ليلة وضحاها – من جديد من باب «الاصلاحات المطلوبة «لقانون الانتخاب التي يشدد عليها ويتمسك بها «التيار الوطني الحر»، مدعوماً بنسبة او بأخرى من «تيار المستقبل» وباتت في نظر البعض حاجة ضرورية لاجراء الانتخابات، وفي نظر آخرين، محاولة لتعطيل الانتخابات او ارجائها، كحد أدنى لظروف تتعلق بوضع أي فريق.

 

يستعير متابعون للتطورات القول المأثور: أصدقاؤك ثلاثة: «صديقك وصديق صديقك وعدو عدوك»… وأعداؤك ثلاثة: عدوك وصديق عدوك وعدو صديقك..» لتبنى عليها خريطة التحالفات الانتخابية المتوقعة وذلك على الرغم من ان البعض يحاول الايحاء بأن «التحالفات الانتخابية في قانون الانتخابات الحالي، القائم على النسبية (غير الكاملة) «موضوع ثانوي». باعتبار ان كل فريق سيلتفت الى نفسه أولاً، ولن يكون قادراً على الاهتمام بمصلحة حليفه إلا من حيث تأمين الحاصل الانتخابي..»

الواضح، وفق المعطيات المتداولة، ان الاشتباك السياسي بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وما يمثل ومن يمثل، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وما يمثل هو أيضاً ومن يمثل، على خلفية مرسوم دورة ضباط 1994 مفتوح على مداه وقطع أشواطاً بعيدة، قد يبدو من المستحيل ترميمه في وقت قريب، حيث نأى «حزب الله» بنفسه عن دور الوسيط، على رغم المعلومات التي تؤكد ان الاتصالات واللقاءات التي أجراها بعيدا عن الاعلام لم تتمخض عن أي نتيجة ايجابية، رامياً الكرة في ملعب رئيس الحكومة سعد الحريري باعتبار أنه «الوحيد المذهل لهذا الدور..».

والواضح أيضاً ان خريطة الانقسامات السياسية ستتعزز يوماً بعد يوم، لكن خريطة التحالفات الانتخابية ماتزال قيد التخمينات، على رغم ايحاءات تيار «المستقبل» بأن هذه التحالفات ستتوزع على النحو التالي: «المستقبل» زائد «التيار الوطني الحر» زائد «القوات اللبنانية» في مقابل «الثنائي الشيعي» («حزب الله» وحركة «أمل») من دون اشارة الى ما سيكون عليه موقع رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط الذي يتمسك بعلاقة مميزة مع بري..

قد يكون من المبكر الحكم على خريطة التحالفات المبدئية هذه، خصوصاً وان العلاقة بين «التيار الوطني الحر» و»حزب الله» هي بنظر قياديين من الطرفين هي «علاقات استراتيجية» وليست موقوفة على قضايا داخلية من مثل «الاصلاحات» المطلوب ادخالها على قانون الانتخابات، كما وليس من مصلحة أي منهما العبث بها، وذلك على الرغم من ان الخلاف المستمر بين الرئاستين الاولى والثانية، حول مرسوم ضباط دورة 1994 مايزال مادة لتسعير المواقف المتباينة، بل المتناقضة، ولا يمكن الحديث عن تحالفات انتخابية، دون الاخذ بعين الاعتبار هذه المسألة، وبعيداً عن هذه الاشكالية وما تخبئه، وما ترمز اليه.. خصوصاً وان كلا من الرئيسين عون وبري متمسكان بمواقفهما حتى النفس الأخير..؟!

ارجاء الانتخابات، او تعطيلها احتمال وارد في نظر البعض، وقد صارح الرئيس بري زواره قائلاً ان مثل هذه التعديلات (التي يطالب بها «التيار الحر») اليوم يفتح الباب للاطاحة بالقانون وبالتالي تطيير الانتخابات، وهذا لن نسمح به أبداً»؟ وفي السياق نفسه طرحت مصادر نيابية عديدة تساؤلات حول نيّات البعض الرامية الى نسف القانون وبالتالي الى تطيير الانتخابات او تأجيلها بعدما تبين لهم أنه لا يخدم مصالحهم الحزبية والشخصية..». ومع ذلك، فإن «خريطة التحالفات المبدئية، واضحة، ومن أبرز بنودها استبعاد صيغة التحالفات الرباعية والخماسية والسداسية، وغير ذلك، في اشارة واضحة لاستبعاد انضمام «حزب الله» الى تحالفات «المستقبل» مع «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر»؟!

ومع ذلك فلا يخفي عديدون ان العلاقة، او «ربط النزاع» بين «المستقبل» و»حزب الله» وفر للبنان أرضية صالحة للانطلاق الى مرحلة جديدة مع العهد الجديد، وساهم بالتهدئة وتماسك الحكومة والسلطة السياسية.. لكنها بنظر البعض ليست كافية، خصوصاً وأن العامل الخارجي يلعب دوراً بالغ الأهمية في صياغة التحالفات  الانتخابية وانشاء مجلس نيابي جديد، وذلك على الرغم من ان قيادات في «المستقبل» او محسوبة عليه، لا تتجاهل ايجابية ونجاح مرحلة «ربط النزاع» في الداخل.. لكن المشكلة تبقى في ان الحزب أدار ظهره لمبدأ «النأي بالنفس» الذي أقرته الحكومة باجماع مكوناتها، عن الصراعات الاقليمية، على قاعدة ان هذا المبدأ على ما يقول وزير الداخلية نهاد المشنوق.. حيث «الخلافات استراتيجية بكل مكان، بالموضوع السوري والسلاح الخ..

القاعدة التي يبني عليها «المستقبل» وحلفاؤه، تصوراتهم المستقبلية تقوم على قاعدة «ان لبنان لا يتحمل ان يكون جزءاً من صراعات المنطقة.. والدخول بها يعني ادخال لبنان بمشاكل لا قدرة له عليها وعلى نتائجها..» هذا على الرغم من اقرار الوزير المشنوق ان «لبنان ليس جزيرة منعزلة عن محيطه وما يجري..» ليخلص الى القول، كما الامين العام لـ»تيار المستقبل» احمد الحريري، «ان لا تحالف بين «المستقبل» و»حزب الله».. وهو الحزب الذي يسلم بذلك ولا يبني عليه أية مواقف او اعتراضات، متكئاً على تحالفات أخرى مع «التيار الحر» وآخرين؟!