IMLebanon

أعيُن الغرب على إيران

ظهر برنامج إيران النووي الى العلن في العام ٢٠٠٢ ما دفع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي الى فرض عقوبات عليها في محاولة لمنعها من تطوير قدراتها النووية العسكرية. وعلى الرغم من إصرار إيران على أنّ برنامجها سلمي فإنها لم تستطع إقناع هذه الدول بذلك. لهذا جاءت العقوبات قوية وعزلت إيران عن العالم الخارجي ما دفعها الى إنشاء اقتصاد شبه بديل لم يكن كافياً للدولة الفارسية.

عقدت جولات عدة من العقوبات في السنوات الأخيرة استهدفت الاقتصاد الإيراني وقطاعات الطاقة والقطاعات المالية والمصرفية- وجاءت عقوبات الأمم المتحدة على مراحل عدة تضمّنت:

– فرض حظر على توريد الأسلحة الثقيلة والتكنولوجيات ذات الصلة بالأسلحة النووية لإيران

– منع تصدير الأسلحة

– تجميد أصول الافراد والشركات

كذلك جاءت عقوبات الاتحاد الاوروبي على الشكل التالي:

– قيود على تجارة المعدات التي يمكن استخدامها في تخصيب اليورانيوم.

– تجميد أصول اشخاص وشركات تعتقد اوروبا انهم يساهمون في عملية البرنامج النووي وفرض حظر على دخولهم الاتحاد الاوروبي.

– حظر أيّ معاملات مع المصارف والمؤسسات المالية الإيرانية.

– حظر استيراد وشراء ونقل النفط والغاز الطبيعي من دول الاتحاد الأوروبي، كذلك منعت الشركات الأوروبية من تأمين شحنات النفط الايراني.

ولم يكتفِ العالم بذلك فاليابان وكوريا الجنوبية فرضتا عقوبات مماثلة للاتحاد الاوروبي- وجاءت عقوبات أميركا بسبب مقولة إنّ إيران تدعم الارهاب الدولي وانتهاك حقوق الانسان كذلك رفضها التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة النووية- كذلك حظّرت أميركا التجارة مع إيران مع بعض الإستثناءات التي ترمي الى «إفادة الشعب الإيراني «بما في ذلك تصدير المعدات الطبية والزراعية والمساعدات الإنسانية.

كلّ هذه الامور جعلت الاقتصاد الإيراني يتراجع مع تراجع العائدات النفطية والتي تمثل نصف نفقات الحكومة وعزل إيران عن النظام المصرفي الدولي ما أدّى الى تراجع العملة الإيرانية، الريال، وخسارتها لثلثي قيمتها أمام الدولار ما دفع الاسعار الى الارتفاع بنسب كبيرة تجاوزت الـ ٤٠ بالمئة لا سيما ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية والوقود.

لذلك، رفع العقوبات عن إيران قد يعيدها الى الحظيرة الدولية مع كلّ ما سوف يتأتّى عن ذلك من منافع للإقتصاد الإيراني لا سيما وأنه وحسب شهادة الوكالة الدولية للطاقة النووية، إيران أنجزت وبنجاح جميع الخطوات ذات الصلة وأرسلت الجزء الاكبر من اليورانيوم المخصب خارج البلاد.

هذا ويُعتبر تنفيذاً لاتفاقية تاريخية ويمنح إيران إمكانية الوصول الى حوالى ١٠٠ مليار دولار من الاصول المجمّدة كذلك يسمح لها حرية بيع النفط وشراء السلع في السوق الدولية- هذا وحسب جون كيري وزير الخارجية الاميركي «سيبدأ اليوم عالم أكثر أماناً… وأنّ الأمور لن تصبح أكثر تعقيداً». كذلك أوباما وفي خطابه الأخير أكد أنّ هذا الحدث «يجنّب العالم حرباً أخرى».

وقد يكون الأكثر أهمية هو قطاع النفط ورفع العقوبات المالية ما يعني انطلاقة الاقتصاد الايراني لا سيما وأنّ أموال إيران متوفرة في المصارف الصينية واليابانية وفي كورية الجنوبية، ناهيك عن أنّ إيران هي رابع أكبر احتياطي من النفط الخام والغاز الطبيعي وكذلك يعني الوصول الفوري الى حوالى ٥٠ مليار دولار في حسابات مجمّدة تقول الحكومة الإيرانية إنها سوف تستخدمها في إعادة بناء البنية التحتية والصناعات.

كذلك فإنّ تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يفتح الباب أمام المستثمرين الاجانب الذين يرغبون في دخول سوق غير مستغلّة نسبياً وتشكل فيما تشكله ما لا يقلّ عن ثمانين مليون نسمة.

كلّ هذه الامور تجعل من العالم بشكل عام واوروبا بشكل خاص يتطلّعان الى الامكانيات المتوفرة في فتح السوق الايراني واحتمال حصول صفقات الطاقة والمال والنقل. والتجارة مع ايران تراجعت لنحو ٩ مليارات دولار في العام من ٣٢ مليار تقريباً في السنوات العشر الماضية.

وما يساعد في ذلك احتياطات إيران الضخمة مع تكاليف انتاج اقل من دولارين للبرميل ما يجعلها واحدة من أكثر الدول جاذبية في العالم حتى مع وصول اسعار الخام الى ادنى مستوياتها منذ ١٢عاماً. كذلك ما يثير الاهمية أيضاً استعداد إيران لتعزيز صادراتها النفطية بمقدار ٥٠٠ الف برميل يومياً حسب نائب وزير النفط الإيراني أمير حسن زامانينيا.

ويبدو أنّ الشركات الاوروبية اظهرت استعدادها لتلبية مطالب كثيرة لإيران لا سيما Airbus والتي تريد أن تبيع إيران اسطولاً جديداً من الطائرات كذلك Siemens ومرسيدس اللذان سيساهمان في بيع طهران القطارات التي تحتاجها لتطوير الينية التحتية والنقل والشاحنات.

ويبدو وحسب ما اتضح أخيراً من قبل Achndi وزير النقل الإيراني فإنّ إيران سوف تطلب ١١٤ طائرة Airbus. ويبدو أنّ المانيا قد تكون أكثر المستفيدين، ويتوقع قطاع الأعمال الألماني مضاعفة الصادرات الى إيران خلال السنوات المقبلة والتي قد تصل الى حدود الـ ١٠ مليار يورو.

وتبدو الامور كمناسبة لاستعارة إيران مركزها بوصفها لاعباً اقليمياً رئيساً وهو عضو في منظمة اوبك ومنظمة البلدان المصدرة للنقط مثل خصمه السنّي في المملكة العربية السعودية. كذلك وكما سبق وذكرنا تملك رابع اكبر احتياطات النفط والغاز في العالم مع كلفة استخراج اقل بكثير من غيرها.

ويبدو أنّ الرئيس روحاني عازم على المضي قدماً ليس فقط في تحديث الاقتصاد الايراني كذلك في تنويعه والاستثمار في قطاعات أخرى غير الطاقة- لذلك تبدو الامور وللوهلة الاولى وردية لإيران وأوروبا معاً إنما المستقبل غير مؤكد والانتخابات النيابية في أواخر شباط المقبل في إيران قد تعيد خلط الأمور. وإنما ما يبقى مؤكداً هو أنّ إيران فكّت عزلتها وأعادت اعتبارها الى الحظيرة العالمية مع كلّ ما ينتج عن ذلك من إمكانيات اقتصادية هامة لها وللغرب معاً.