IMLebanon

الـ «اف-16» غيّرت نبرة تيلرسون التحذيرية

 

في الوقت الذي خلت فيه جولة وزير الخارجية الاميركية من اي مفاجآت تذكر، على صعيد المواقف والتصاريح، وفيما انشغل الوسط اللبناني بمتابعة تفاصيل اللقاء وما رافقه من لغط حول انتظار الوزير الضيف لرئيس الجمهورية الذي دخل القاعة حيث كان يوجد الوفد الاميركي في تمام الـ10.35  وفقا للموعد المحدد، بدت ظاهرة بشكل جلي مفاعيل الاتفاق الرئاسي ، الذي ظهر مرة جديدة موقفا «مخالفا» لما يدلي به وزير الخارجية اللبنانية.

غير ان زيارة وزير الخارجية الاميركية اعادت التأكيد على المؤكد لجهة «الاصرار» على دعم الجيش اللبناني، في رسالة واضحة مكملة لما ادلى به مساعده لشؤون الشرق الاوسط دايفيد ساترفيلد سابقا من تل ابيب، من ان الجيش اللبناني خط احمر لن يسمح بالتعرض له او ضربه بوصفه شريك اساسي وفعال في الحرب على الارهاب من جهة، والركيزة الاساسية ان لم تكن الوحيدة للسلم والاستقرار اللبنانيين، اللذين توليانهما الادارة الدولية الاهتمام الاول، بحسب مصادر مواكبة للوفد الاميركي.

وكشفت المصادر ان المواقف الاعلامية التي اطلقها الزائر الاميركي ومرافقوه انما جرى تحضيرها مسبقا ودراستها بعناية قبيل توجه الوفد الى لبنان، من قبل فريق عمل في الخارجية الاميركية، حيث تم اختيار التعابير والكلمات بدقة، لمراعاة الواقع اللبناني دون ان يمس ذلك بالموقف الاميركي المبدئي بوصف حزب الله منظمة ارهابية، تخضع للمحاكمة في قضايا الاعتداء على مصالح اميركية تسببت بمقتل اميركيين، وهي مدرجة على لوائح الارهاب الاميركية، من هنا عدم التمييز بين جناحيها السياسي والعسكري بحسب القانون الاميركي.

واعتبرت المصادر ان استراتيجية الادارة الاميركية تجاه لبنان حاليا واضحة وهي تتمثل في: مواجهة نفوذ وتاثير طهران وحلفائها في مقدمهم حزب الله، من جهة، واعتبار لبنان شريكاً استراتيجياً وحليفاً في الحرب على الإرهاب، وان من «خارج التحالف الدولي ضد الارهاب» من خلال الدور الذي أداه ولا يزال الجيش اللبناني، الذي يحظى بثقة الادارة العسكرية الاميركية بالكامل والمتحمسة لزيادة الدعم له كما ونوعا، والتي ستظهر بشائرها خلال الفترة المقبلة، من خلال برامج ثنائية غير مرتبطة بمؤتمر «روما 2»، والتي ستكون لسلاح الجو اللبناني حصة اساسية فيها من طوافات وطائرات من دون طيار متطورة.

من هنا والكلام للمصادر فان التعامل مع مؤسسات الدولة اللبنانية منفصل بالكامل عن الموقف من حزب الله، دون ان يلغي ذلك مسؤولية السلطات اللبنانية المعنية في كبح تدخلات الحزب في الاقليم والالتزام بسياسة النأي بالنفس، وهو ما ابلغ الوزير بشكل واضح لمن التقاهم، معتبرة ان تيلرسون لم يحمل اي رسائل تهديد انما «تحذير»، خصوصا ان الكونغرس الأميركي يعد مسودة قانون لفرض عقوبات جديدة على حزب الله تعطي في أحد بنودها صلاحيات للادارة الأميركية لفرض عقوبات على الكيانات السياسية والأشخاص الذين يوفّرون تحالفات سياسية أو غطاءً عملياً لنشاطات الحزب ،عشية الانتخابات النيابية التي «يجب ان لا تكون مناسبة لزيادة سيطرة الحزب على لبنان».

وتؤكد المصادر ان الموقف الاميركي في ما خص مهمة السفير ساتلفيد واضح، حيث النصيحة بابقاء باب المفاوضات مفتوحا الى حين التوصل الى حل يرضي الجميع، ولجم حزب الله عن فتح اي مواجهة لان واشنطن ستكون الى جانب تل ابيب في اي مغامرة عسكرية، ناصحة بتعزيز الوجود العسكري اللبناني الرسمي في منطقة ولاية القرار 1701، كاشفة ان الاولويات الحالية تتدرج كالآتي: القضاء على داعش، مواجهة إيران، حل المسالة السورية، معالجة الأوضاع في لبنان، من خلال الحفاظ عل الاستقرار الامني في الداخل والعسكري على الحدود.

وحول تفسير التضارب في الموقف بين ما ادلى به الوزير تيلرسون من عمان عن واقعية ان الحزب جزء من الحياة السياسية اللبنانية، وبين عدم التفريق بين جناحي الحزب في بيروت، اعتبرت اوساط ديبلوماسية غربية ان هذا الكلام يترك الباب مفتوحا على كل الاحتمالات في المستقبل في ما خص التعامل مع الحكومة اللبنانية في ما خص بعض الملفات، اذ انه سيبقى سيفا مصلتاً وورقة ضغط، اذ كيف يعقل التعامل مع حكومة ومجلس نيابي يضمان افرادا لمنظمة ارهابية، معتبرة ان المواقف المهمة في ما خص اسرائيل وحزب الله هي تلك التي سمعها الوزير الاميركي في بعبدا من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

اوساط مقربة من حارة حريك لم تر جديدا في ما ظهرته الزيارة من مواقف سياسية لدى الطرفين، مبدية اطمئنانها لوحدة الموقف اللبناني وتناغمه من الملفات المطروحة على جدول اعمال الزيارة، والذي سيترك بالتاكيد اثره في الموقف الاميركي، معتبرة ان ما حدث من مواجهة  في الاجواء الاسرائيلية ليل الجمعة – السبت انما جاء لمصلحة الجانب اللبناني، حيث ان مستجدات الاحداث ونتائجها والضربة التي تلقتها اسرائيل، انعكست «ديبلوماسية» في التعامل من قبل وزير الخارجية في لقاءاته و«ليونة» واضحة، ما كانت لتكون لولا تغير موازين القوى. وفي هذا الاطار رأت الاوساط ان النتيجة الاولى لذلك كانت في عدم زيارة تيلرسون لتل ابيب واجتماعه بالمسؤولين الاسرائيليين خلافا لما كان يحصل في السابق.

في غضون ذلك اشارت المعلومات الى ان الجانب الاميركي اصر على ان تحط طائرة الوزير الاميركي الرسمية في مطار رفيق الحريري الدولي وان يتنقل عبر طريق المطار الى محطته الاولى وسط تدابير امنية مشددة اتخذت ومواكبة ضخمة امنتها الاجهزة الامنية اللبنانية عبر عشرات السيارات التي رافقته في تنقلاته، وقطع الطرق والمسالك التي عبرها الضيف الاميركي، وهو ما ادى الى وصول الوفد الى القصر الجمهوري قبل سبع دقائق من الموعد المخصص حيث دخل الضيف الى المكان المخصص بانتظار انتهاء رئيس الجمهورية «من عمل كان يقوم به»، ليعقد الاجتماع في تمام العاشرة وخمس وثلاثين دقيقة وفقا للموعد الرسمي. وكشفت المعلومات ان الوزير الاميركي استوضح من بعض المرافقين اللبنانيين عن اللوحات المعلقة على جدران القاعة مستفسرا حول امور عامة في جو من الود اذ لم تظهر اي علامات امتعاض او غضب على اعضاء الوفد الذين نفوا وجود اي خلل بروتوكولي، متابعة ان اللقاء بين الرئيس عون والوزير تيلرسون كان وديا وساده الاحترام الكامل .