IMLebanon

مواجهة ضارية  بين الإستحالات والآمال

أخطر ما في الوضع اللبناني الراهن أنَّ كلَّ ملف يجري فتحه يُواجَه باستحالة معالجته، وكدليل على هذا الإنطباع فإنه يكفي تعداد الملفات التي فُتِحَت والتي ستُفتَح ليتمَّ التأكد أنَّ الإستحالات هي التي تحكم الوضع القائم:

ملفُّ القانون الجديد للإنتخابات النيابية يواجه إستحالة في إنجازه، فلجنة الإدارة والعدل واللجان النيابية المشتركة رفعت العشرة تدليلاً على أنها لم تستطع التوصل إلى شيء، أكثر من ذلك فإنها أحالت الملف برمَّته إلى هيئة الحوار الوطني التي ستعقد جلسة لها في الحادي والعشرين من هذا الشهر، علماً أنَّ طاولة الحوار هيئة معنوية لا أكثر ولا أقل، وما يتم التفاهم عليه على هذه الطاولة يحتاج إما إلى مجلس الوزراء وإما إلى مجلس النواب.

الإستحالة الملحقة بهذا العجز هي أنَّ القانون الذي كان معمولاً به، أي قانون الدوحة المنبثق من قانون الستين، يلقى رفضاً ظاهرياً من معظم الأطراف اللبنانيين، فكيف ستجري الإنتخابات في مثل هذا الشهر من السنة المقبلة إذا كان القانون السابق مرفوض والقانون العتيد لم يبصر النور؟

من استحالة قانون الإنتخابات إلى استحالة معالجة ملف النفايات، آخر بورصة التطورات في هذا المجال أن الكوستابرافا لن يُعتَمَد كمطمر، بعدما تأكَّد علمياً وتقنياً أنه سيشكِّل خطراً على سلامة الطيران المدني.

المعطى الثاني في ملف النفايات أنَّ مجلس الإنماء والإعمار طلب تأجيل مناقصة المعالجة بعد إعلان بلدية بيروت أنها ستعالج نفايات العاصمة، وإذا كانت البلدية لا تملك أرضاً للمطامر، فهذا يعني أنها تتجه إلى خيار المحارق، فهل من قطبة مخفية في هذا الأمر؟

وإذا كان هذا الخيار سيُعتَمَد فكم سيستغرق من الوقت إنجاز معامل الحرق؟

أليست هناك استحالة في التوفيق بين النفايات الداهمة والمحارق المؤجَّلة؟

والمعطى الثالث في ملف النفايات هو أنَّه لم يبقَ في الميدان سوى مطمر برج حمود، فهل سيتحوَّل برج حمود إلى ناعمة ثانٍ؟

وإذا كان الأمر كذلك فإن الأسئلة التي تُطرَح هي:

هل سيقبل أبناء الأشرفية والمتن ساحلاً وجبلاً ان تخنقهم الروائح لأنَّ القرعة وقعت على برج حمود؟

هل تتم معالجة مطمر الناعمة من خلال مطمر ناعمة جديد؟

المعطى الرابع:

هل صحيح أنَّ معظم البلدات والبلديات ستخرج من إطار المعالجة المشتركة لتبني معالجتها المستقلة؟

إذا كان الأمر كذلك فإننا سنشهد فوضى نفايات شبيهة بفوضى مولِّدات الكهرباء في الأحياء والشوارع.

الثابت الوحيد في كلِّ هذه المعطيات أنَّ النفايات عادت تتجمَّع في الشوارع.

وبناء على كل ما تقدَّم، فإن الإستحالات تتقدَّم على الآمال في المعالجة.

أعان الله اللبناني في كيفية تمريره يومياته بين استحالات هي الأمر الواقع وبين الآمال التي هي أشبه بالسراب.