وجه العالم والاقليم والمحيط يتغير وسيناريوهات تنفذ في سوريا والعراق واليمن وغيرها، فيما غالبية سياسيي لبنان العاجزين عن انتخاب رئيس وعن اعادة عمل المؤسسات الدستورية الى طبيعته، يغرقون بقصد أو بغير قصد بالتفاصيل الضيقة والقشور.
«حزب الله» المهزوم في سوريا يحاول إلهاء اللبنانيين ببدعة اسمها الميثاقية، فيدفع مجددا بحليفه المسيحي الأول «المعلن» النائب ميشال عون الى واجهة المجابهة السياسية، ذلك الحليف الذي يبدو أن حلمه بالرئاسة بات كحلم ابليس بالجنة.
الحزب نفسه الذي ترك مرة جديدة عون يغرد وحيدا واكتفى فقط بالبكاء عليه وادعاء الحرص على المسيحيين، وهو بذلك كالخالة التي تدّعي الحرص على ابن زوجها، وبدا كمن يضع المسيحيين بوجه السنّة وابراز ان الخلاف سني مسيحي وليس أي شيء آخر.
هذه اللعبة المكشوفة، فضحها أكثر رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي اعتاد بذكاء اقتناص الفرص، فاستغل اهمال الحزب لعون وسدد لحليفه اللدود أو حليف حليفه، ضربة جديدة معلنا عن حضور وزرائه كل جلسات مجلس الوزراء وكأن شيئا لم يكن.
أما «تيار المردة» والمسيحيون المستقلون، فقد سددوا أيضا ضرباتهم ضد من يعتبرهم مسيحيون درجة ثانية أو عاشرة.
.. ان ما يجري على الصعيد السياسي المحلي يستدعي الغثيان، ويكاد اللبناني «المستقل» يهرب من «باسبوره» مع ازدياد يقينه بالسؤال العامي: «مين قارينا؟»، فلا يعقل أن نبدأ نشراتنا الأخبارية بدعوات الى الميثاقية والى حقوق هذا المذهب أو ذاك، فيما تتسابق من حولنا الحروب مع التسويات.
.. بالفعل تريد قوى الامر الواقع أن ننسى كل ما تفعله وتسببه من ويلات على نفسها وعلى لبنان وأن نهتم بسؤال واحد: هل حضر وزير الصدفة جبران باسيل الجلسة أم لم يحضر؟ وهل يشكل غيابه الغاء لدور المسيحيين في الشرق؟.. المسيحيون الذين يعيشون أسيادا معززين مكرمين في هذه البلاد منذ أكثر من ألفي عام.
.. النشرات يجب أن تركز على الاقليم الذي ينعكس كل ما يجري فيه على الداخل اللبناني شاء المتزمتون أم أبوا، فما يجري على الصعيد التركي – السوري بمباركة دولية وربما حتى روسية، أهم بكثير من اعتكاف وزيرين لبنانيين أو أكثر بقليل لدواع شعبوية مقيتة وهذا ليس انتقاصا من قدر أحد، انما اضاءة على الأولويات.
.. وفي الخلاصة، ان لبنان يعيش بين مشهدين، مشهد أتباع محور الممانعة الذين يتلهون بالسطحيات وهم قد هزموا خارج حدود البلاد بعد أن كانوا يسوقون لانتصارات آتية، ومشهد أتباع المحور الآخر الذين يتطلعون بشغف الى استقبال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للرئيس سعد الحريري استقبال رؤساء البلاد في توقيت بالغ الأهمية، بعد أن كان أردوغان قد أرسل نائب رئيس بلدية أنقرة لاستقبال نائب رئيس أكبر دولة في العالم أي جو بايدن، واللبيب من الاشارة يفهم.