IMLebanon

حقيقة الميلاد

ما أريد بالميلاد ذكرى حدث تاريخي ولكن التذكير بمعنى الحدث وهو ان يسوع الناصري مخلّص العالم. أتباعه يقبلون حدث موته والكثيرون يؤمنون معنى التاريخ أي يقبلون معنى المحبة الذي كشفه بموته. ربما ما قبلت موته ولكنك تقبل حبّه. هو معلّم المحبة الكاملة المطلقة في تاريخ الفكر. أنت له وربما منه ان قبلت هذا كنت من ديانته أم لم تكن. نحن لا نعرف في أية سنة أو أي شهر أو أي يوم ولد المسيح. الخامس والعشرون من كانون الأول اصطلحنا عليه طقسياً لأنه كان عند الرومان عيد الشمس فاعتبرنا المسيح هو شمسنا. لم يهمنا يوم العيد لأن المسيح هو العيد.

والأهم من معرفتنا يوم عيده ان نحياه هو عيداً فينا يجددنا بالتوبة إلى أبيه في الحب والطهارة. اسم العيد الحقيقي في التقويم عندنا هو الظهور الإلهي الذي أطلق في ما بعد على معموديته، عيد الميلاد عيد متأخر. عيدنا الوحيد هو الفصح لأن البدء ليس ظهور يسوع في الجسد ولكنه الفصح الذي هو ظهوره في ضمير البشر. وفي البدء كنا نعيّد للمولد ولمعموديته في نهر الأردن ونسمي الحدثين عيد الظهور لندل على حقيقته للإنسانية الجديدة.

في الأداء الطقوسي عندنا ليس عيد الميلاد أهم من عيد الظهور أي الغطاس بالعامية لأن المراد في العمق اللاهوتي ليس المولد في الجسد ولكن ان يبدو المسيح مخلص العالم. والدليل على ذلك اننا لا نعرف بالدقة السنة أو الشهر أو اليوم التي ظهر فيها للعالم. كل هذا ذكرى والذكرى في القلب ولكن لا بد من الأعياد لأجل إذكاء المحبة.

في حقيقتنا الروحية نولد في الفصح. المسيح في كل أبعاده مولود على الصليب. حياته فينا بدت هناك. وحياته فينا تعني قهرنا للخطيئة. وعلى هذا القهر لا يزاد شيء لأنه هو الفرح.

الميلاد توطئة للفصح أي لموت المعلم الذي هو في معنى جوهره القيامة. والكنيسة ابتدأت التعييد بالقيامة والميلاد جاء في ما بعد لأننا نحن نولد بموته. المسيح تراه كلاماً أو معطي كلام ان لم ترَ موته. لا تستطيع ان تراه حباً. وهو ليس فينا شيئاً آخر عن هذا.

كل شيء عندنا حب. معموديتنا التي نفهمها موتاً مع المسيح وقيامته إن هي إلاّ حب. زواجنا ما كان عندنا اتصالاً بكائن آخر الا لأنه كان اتصالاً بيسوع. كل الكائنات بالغريزة تتزوج. نحن وحدنا نختار أي نحب لنتزوج. هذه العملية الجسدية بامتدادها تبدأ عندنا بالإيمان حتى نسمّي القران سرًّا وبتحديدنا ان الزواج هو اقتران الرجل بالمرأة بدءاً بحب كل منهما لله. لأن الزواج ليس حصراً طبيعياً، هو لقاء مع الله.

في هذا العيد نولد من الله في حب المسيح إيانا وبه وحده نستطيع ان نحب الناس. التصاق الإنسان بالإنسان ان كان في المسيح اختيار. قبل المسيح أو بدونه الناس مع الناس أجساد وعقول. به يصيرون محبة. الميلاد يصير لك عيداً فقط ان رأيت المسيح ومنه وبه تلتقي الناس. به لا يبقون فقط أجساداً يصيرون أرواحاً محبة وهكذا تولد الناس بهم. الذي لا تحبه ليس موجوداً عندك. هو جسد. اذهب وأحبب تصر. هذا هو تحررك من ذاتك. هي الحبس الكبير.