IMLebanon

حقيقة الموقف السعودي من زيارة المملوك

لا يُمكن فصل زيارة رئيس مكتب الأمن القومي السوري اللواء علي المملوك إلى السعودية عن الحراك الدولي الساخن في شأن الأزمة السورية، خصوصاً بعد كشف الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس أنّ «روسيا وإيران باتتا تُدركان أنّ الرياح لا تميل لصالح الرئيس السوري بشار الأسد».

كلام أوباما أنّه يرى بارقة أمل للحلّ السياسي في سوريا، لأن «حليفَي النظام، روسيا وإيران، باتتا تعتقدان أنّ أيامه باتت معدودة»، وأن لا موسكو ولا طهران تتأثران كثيراً بالكارثة الإنسانية في سوريا، إلّا أنهما قلقتان في المقابل من احتمال انهيار الدولة السورية، نقَضَ كلّ «الرسائل الملغومة» التي حاوَل من سرَّب خبر زيارة المملوك إلى السعودية، توجيهها واستثمارها، والإيحاء بأنّ الرياض بدّلت ثوابتها ومدّت يدها للنظام السوري.

من هنا، يجب قراءة الزيارة، وخلفيات التسريب الذي أثار عاصفة من الأسئلة، وموجة من الاتصالات على أعلى المستويات الديبلوماسية المحلية والاقليمية لمعرفة أبعاده وخلفياته وتأثيراته على مجرى الأحداث في المنطقة عموماً، وسوريا ولبنان خصوصاً، وهل هناك من تغييرات في الموقف السعودي وما هو مداها وتداعياتها؟

في الشكل، إنّ الجهة التي سرّبت الخبر هي دمشق، وهي فعلت ذلك لأنها رأت فيه مصلحة لها، أرادت تسويق خبر الإجتماع لخلق إرباك وبلبلة في صفوف معارضيها والقوى المناوئة لها وحلفاء السعودية في لبنان عبر تصوير اللقاء وكأنه انقلاب دراماتيكي في سياسة المملكة الإقليمية وتجاه النظام السوري.

وهدفت دمشق الى تسويق خبر اللقاء كأنه بداية فك العزلة الخليجية عنها، لا بل بدء مرحلة تطبيع العلاقات/ التفاهمات وإعادة المياه إلى مجاريها بين المملكة العربية السعودية والنظام السوري.

غير أنّ جهات واسعة الإطلاع وقريبة من الرياض اعتبرت أنّ ما سُرِّب عن لقاء المملوك أعطى صورة غير حقيقية وغير صحيحة لكي تتناسب مع سياساته ومصالحه. وأكدت هذه الجهات أنّ المملكة لم تغيّر نظرتها إلى النظام السوري ولا إلى مواقفها الحازمة حياله، وهي بالتأكيد لم تتراجع ولم تمشِ في تسوية معه، كما حاول مَن سرّب الخبر أن يوحي عبر مجموعة من الأضاليل في الإجتهاد برواية مُفبركة عن مضمون ما جرى من حديث.

وكشفت أنّ الموقف السعودي ثابت، وما قيل هدفه ربما إحباط حلفاء المملكة أو الضغط عليهم. وما زال الموقف السعودي من نظام الأسد هو هو، ولا قبول لتورّط «حزب الله» في النزاع السوري إطلاقاً، مؤكّدة أنّ المملكة ثابتة ولن تتخلى عن صدقيّتها ولا تدخل في تسويات سريعة.

وأشارت هذه الجهات إلى أنّ الرياض التزمت قضية الشعب السوري في مواجهة نظام قمعي يقتل شعبه ويدمّر بلاده، وأنّ الأثمان التي دفعت والتضحيات التي بذلت باهظة وليس بالسهولة تجاوزها والإنقلاب عليها.

كذلك، فإنّ المملكة لا تسير في سياسة وزير الخارجية السوري وليد المعلّم وشروطه، وهي طرحت ما تريده وليس ما يريده النظام.

ووصفت الزيارة بأنها ليست زيارة غزل ولا محبة، بل لإيصال الرسالة وإسماع مَن يجب أن يسمع موقف المملكة من النزاع السوري بكل وضوح وشفافية مراراً وتكراراً.

وأكّدت هذه الجهات «أن ليس على المملكة أن تغيّر موقفها، بل على النظام السوري أن يتغيّر وأن يوقِف قتل شعبه وتدمير بلده».

يتأكّد يوماً بعد يوم أنّ الموقف السعودي حازم في الملف السوري وملفات المنطقة، فيما يُسابق النظام السوري الوقت من أجل حفظ رأسه وعدم بيعه في سوق التسوية المقبلة.