أولاً بأوَّل، لبنان ليس متروكاً لعبث العابثين. المظلَّة مستمرَّة، والعناية الكيانية باقية على صلابتها. وموعدنا “التاريخي” مع ملء الفراغ الرئاسي مطلع أحد التشرينين.
هذه المعلومات ليست من حديقة الأماني، إنّما هي من جعبة مرجع لا يرقى إليه الشكُّ لا في الصيف ولا في الشتاء.
مع نصيحة للذين بدأوا يقفزون، أو يحاولون القفز فوق القوانين والتقاليد الديموقراطيّة والأصول المرعيَّة الإجراء، أن يخيِّطوا بغير هذه المسلَّة.
وما زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لبيروت، ولخمس وعشرين ساعة، إلاّ لتبليغ جميع الناس من دون استثناء أنَّ لبنان الكبير باقٍ. أما إذا اقتضت التطوُّرات في الجوار السوري مجاراتها على نطاق اللامركزيَّة والرحرحة الإدارية، فلا بأس بالنظر في الأمر. ونكتفي هنا بهذه الإشارة منعاً للالتباس.
حظُّ لبنان، وسط هذا الجحيم العربي الذي يزنِّره من أربع رياح الأرض وقابَ قوسين أو أدنى، لا يجوز وصفه بالسيئ كليّاً ودائماً. وهل ننسى “الربيع العربي” و”انجازاته” التي دمَّرت أهم دولتين عربيَّتين تاريخيتين؟
السبب الآخر الذي يجعلنا نطمئن الناس إلى انتظار مسك الختام، يكمن في وجود الرئيس نبيه برّي الذي يدير الحركة السياسيَّة، ويقود توجهّها كمايسترو بارع وبكثير من الحنكة والدراية، والرئيس تمّام سلام الذي يعاني الأمرَّين داخل مجلس الوزراء وخارجه، وبدفق من الصبر والحلم والتعقُّل كلّما هبَّت رياح الخلافات بين الوزراء… بدافع سياسي، أو لمآرب شتَّى.
يدرك اللبنانيّون، المقيمون كما المهاجرون، أنه لولا هذان المرجعان المسؤولان، الصبوران، العاقلان، لكانت الدنيا قد تطربقت فوق رأس لبنان. ولكان المتربّصون بوطن الثماني عشرة طائفة قد تسلَّلوا إلى حيث “يقيم” النظام الديموقراطي وخطفوه، ليضمّوه إلى حيث “يقيم” الاستحقاق الرئاسي.
من السهل جداً على الرئيس سلام أن يغسل يديه من كل هذه التصرّفات والشواذات والارتكابات التي تثير نقمته وقرفه، فيكتب سطرين ثلاثة، يودِّع عبرها السرايا ورئاسة مجلس الوزراء و… تلك الجلسات والتراشقات التي تدفع أيوب الحكومة إلى الإنصراف بلا استئذان.
إلا أنه باقٍ بدوره. باقٍ ليبقى البلد بنظامه ومؤسّساته وصيغته. وباقٍ لئلا يتيح فرصة للمتربّصين.
وانصافاً للحقيقة وواقع الحال، فللرئيس نبيه بري، او الاطفائي الذي لا يرفُّ له جفن، دور كبير وأساسي في إدارة هذه الشلع والأكوام من الفوضى، وهذه الغابات السائبة.
لمن يتساءلون ماذا جاء يفعل فرنسوا هولاند، وماذا حقّق، يؤكِّد لهم مرجع رصين ومطلع جداً أن الرئيس الفرنسي وصف “الحالة اللبنانيّة” بكل ملابساتها. ومن طقطق للسلام عليكم. ولم ينسَ أن يسمّي “الفاعلين”.