زيادة الرسوم على المقالع 40 ضعفاً
تخطت لجنة المال والموازنة أمس قطوعاً أساسياً يتعلق بالمادة 63 المتعلقة بفرض ضريبة بنسبة 2 في المئة على السلع المستوردة. فهذه المادة، هي من ناحية مرفوضة من معظم النواب نظراً لتأثيرها السلبي على الفئات الفقيرة، ومن ناحية أخرى يصعب إسقاطها لأنها تؤمن إيرادات متوقعة بقيمة 400 مليار ليرة. لذلك كان الاتفاق على عدم بقائها كما هي على أن يقدم اقتراح التعديل متوافقاً مع أولوية حماية السلع الأساسية ومرفقاً باقتراحات لإيرادات بديلة.
إذا كان حزب الله قد أعلن في المؤتمر الصحافي الذي عقده النائب حسن فضل الله قبيل البدء بجلسات الموازنة، عن توجهه خلال هذه الجلسات إلى رفض كل ما يساهم في تحميل الطبقات الفقيرة تبعات الإصلاح وتخفيض عجز الموازنة، فإن أحد أبرز عناوين هذا الرفض كان المادة 63 المتعلقة بفرض ضريبة 2 في المئة على السلع المستوردة. وجهة نظر الحزب تعتبر أن هذا الرسم لن يساهم في حماية المنتجات الوطنية وتخفيف العجز التجاري، بل سيساهم في زيادة الأسعار على الناس بما يحوله، نظراً إلى شموليته، إلى عبء ضريبي يضاف إلى ضريبة القيمة المضافة. في جلسة أمس تولى الحزب جبهة الدفاع عن وجهة نظره هذه، فقدم فضل الله مداخلة مالية واقتصادية تخلص إلى أن هذه المادة لا تصيب الذريعة التي تبررها أي حماية الصناعات اللبنانية. في المقابل، برزت جبهة تصر على ضرورة بقاء هذه المادة، نظراً لما تؤمنه من مداخيل عالية قدّرتها وزارة المال بـ400 مليار ليرة سنوياً. ونظراً للانقسام في الآراء، تقرر في الجلسة الصباحية تأجيل النقاش إلى حين حضور وزير الاقتصاد منصور بطيش في الجلسة المسائية. وبالفعل، عمد الأخير إلى الدفاع عن اقتراحه من دون مغالاة، مع إشارته إلى أن القرار في النهاية يعود إلى أعضاء اللجنة.
ومن بين نحو 20 متحدثاً، كان النواب نزيه نجم ونعمة افرام وميشال معوض الوحيدين الذين دافعوا بداية عن المادة، قبل أن يعودوا ويؤيدوا التعديل وزيادة الاستثناءات.
وفيما كان لافتاً امتناع العونيين عن الكلام، أعلن النائب ميشال ضاهر أن هذا الرسم لا يحمي الصناعة، مقترحاً العودة إلى لائحة الصادرات التي تبلغ قيمتها 4 مليارات دولار وحماية المواد التي تتضمنها. أما النائب علي فياض، فأشار إلى أن لا وظيفة اقتصادية لهذا الرسم. ورداً على إشارة وزير الاقتصاد إلى أن هذا الرسم سيطال ثلث الاستهلاك الداخلي فقط، قال فياض لكنها تطال المواد الاستهلاكية الرئيسية من سكر وطحين وأرزّ وغيرها، وهذا ما يرفع الفاتورة الاستهلاكية لمجمل الناس. كما اقترح عدداً من الإجراءات التي يمكن تنفيذها لتخفيض العجز بما يعادل ما ستؤمنه هذه المادة. وقبل أن تذهب الأمور إلى التصويت الذي طالب به النائب علي عمار، حيث كان محسوماً سقوط المادة، أشار رئيس اللجنة ابراهيم كنعان إلى اتفاق اللجنة على عدم إسقاط البنود التي تؤمن إيرادات قبل ان يصار إلى مناقشة بدائلها (تم الاتفاق سابقاً على أن يقدم أي نائب اقتراحاته في هذا الصدد إلى رئيس اللجنة ليصار إلى مناقشتها لاحقاً).
28 كسارة مرخصة في لبنان من أصل 1300!
وعليه صار محسوماً سقوط المادة بصيغتها الحالية، مع الاتفاق على تأجيل بتها إلى حين الاتفاق على صياغة جديدة لها يتوافق عليها الجميع. علماً أن من الاقتراحات أن تستثنى من الضريبة كل السلع المعفّية أصلاً من الضريبة على القيمة المضافة أو كل ما ليس له بديل في لبنان. أما وزير المالية، الذي كرر الإشارة إلى رفض حركة أمل لهذه المادة (رفضتها، إلى جانب حزب الله والمردة، في مجلس الوزراء)، فقد ذهب في اقتراحه إلى أن تصاغ المادة بعكس صياغتها الحالية (شمول كل المواد المستوردة بالرسوم مع تحديد الاستثناءات في صلب المادة)، بحيث يصار إلى تحديد المواد التي تطالها الرسوم الضريبية في المادة. وهو سيقدم صيغة في هذا الإطار.
رسم المقالع يزيد 40 ضعفاً
النقاش الحاد طال أيضاً المادة 67 المتعلقة بفرض رسم طابع مالي على رخصة استثمار المقلع أو الكسارة بقيمة خمسة ملايين ليرة، بالإضافة إلى 1500 ليرة عن كل متر مكعب مستخرج من المقلع. وكانت النتيجة أن رفعت اللجنة قيمة الرسم إلى 50 مليون ليرة (كان قبل التعديل الحكومي 2.5 مليون ليرة)، وهو ما تحفظ عليه البعض انطلاقاً من أن الزيادة غير منطقية، فيما أبقي الرسم على الاستخراج كما هو، انطلاقاً من كونه يؤثر على السعر للمستهلك. كذلك أقر البند 65 المتعلق بإجراء مسح ميداني وجوي من قبل الجيش اللبناني، على أن يتحمل التكاليف كل شخص استثمر مقلعاً أو كسارة. كما سمحت هذه المادة بملاحقة كل من استثمر من دون ترخيص قانوني أو خالف الترخيص الممنوح له، حتى سداد كافة الضرائب والرسوم على سنوات الاستثمار منذ العام 2004 وإنجاز كافة الموجبات الملقاة على عاتقه لرفع الضرر البيئي.
واللافت أن هذه المادة ستطال ما بين 1100 و1300 كسارة ومقلع، بحسب ما كشف فياض الذي يعمل منذ عام، ضمن فريق من حزب الله، على إعداد دراسة لواقع المقالع والكسارات في لبنان، تمهيداً لتقديم اقتراح قانون لتنظيم القطاع ووضع خطة وطنية لتأهيل كل المقالع والكسارات التي يعمل 28 منها فقط بموجب تراخيص، فيما تعمل البقية بمهل إدارية خارج القانون. وبالرغم من أن كل هذه المقالع ملزمة بإعادة تأهيل الأراضي التي استثمرتها، إلا أن الواقع يظهر أن 71 مليون متر مربع لم يُصر إلى تأهيلها بعد تخريبها.
وعلمت «الأخبار» أن اقتراح قانون المخطط التوجيهي (تنظيم استثمار الموارد الأرضية واستدامة استخدام الأراضي المتدهورة بيئياً في لبنان من خلال إعادة تحديد المخطط الوطني للمقالع والكسارات) سيعلن عنه قريباً، علماً أنه يتضمن دعوة إلى فتح باب الاستيراد، وكسر المحاصصة المناطقية والطائفية، على أن تكون منطقة السلسلة الشرقية مكاناً نموذجياً للمقالع.
سقوط «الفوميه» و«السلاح»
في جلسة قبل الظهر، كانت اللجنة أسقطت بندي وضع رسم سنوي على رخص السلاح وعلى حاجب الرؤية في السيارات، لأسباب عديدة أبرزها مخالفتهما للدستور، الذي يمنح مجلس النواب حق استيفاء الرسوم أو الإعفاء منها، فيما تنص المادتان على إعطاء وزيري الداخلية والدفاع حق الإعفاء، ما يفتح مجالاً واسعاًَ للاستنساب. كذلك رفضت المادتان، منعاً لتحول حمل السلاح والفوميه لمسألة تخضع لعنصر المال واستنسابية الوزير المعني فقط، أضف إلى أن المردود البسيط المتوقع منهما والبالغ 4 مليارات ليرة، بحسب توقعات وزارة المالية، ساهم في تسريع إسقاطهما.
ولم تمر المادة المتعلقة بإعفاء اليخوت من الضريبة. كما ألغيت كل أنواع الرسوم التي تطال المسافرين عن طريق الجو، وأبقي على رسم دخول على غير اللبنانيين الى الأراضي اللبنانية، لكنه رفع من 5000 ليرة إلى 10 آلاف ليرة.