رحل النظام الذي كان ينظر إلى لبنان كـ “خطأ تاريخي”
رحل النظام الذي كان ينظر إلى لبنان كـ “قُطر” و”خطأ تاريخي” و”أرض يُفترض أن تكون تحت سيطرته خطفها منه اتفاق سايكس – بيكو”. رحل هو، وبقي أن تؤمن الدولة اللبنانية بأنها دولة لا مشاعاً. إن سقوط حكم آل الأسد الذي حال لعقود دون قيامة لبنان، يشكّل فرصة ذهبية يجب أن تقتنصها السلطات اللبنانية اليوم لتحقيق أكبر كمّ من الخطوات الأساسية في عملية بناء أي دولة.
أجندة موسعة
هي أجندة موسّعة يجب أن تشرع هذه الحكومة في تنفيذها، إذا عرفت وأرادت أن تستفيد من التحولات الجيوسياسية الكبرى في المنطقة لصالح لبنان – الدولة. وأبرز نقاط هذه الاجندة، كما تُعدّدها مصادر سيادية عبر “نداء الوطن” هي :
– نشرُ الجيش اللبناني على كامل الحدود الشمالية والشرقية وضبطها وإقفالها بإحكام، ووضع حد نهائي لتهريب السلاح والمسلحين والممنوعات والأفراد والبضائع عبرها، وبالاتجاهين.
– ترسيم الحدود بين الدولتَين في صورة رسمية نهائية ومعالجة النقاط الشائكة الخلافية براً وبحراً، والأهم، الطلب من سوريا التوقيع والتسليم بلبنانيّة مزارع شبعا، للانتهاء من “مسمار جحا” الذي تشكّله المزارع، والوصول إلى تطبيقٍ فعلي للقرار 1680.
– إلغاء كل الاتفاقات اللاغية للبنان – الدولة والتي وُقّعت أيام الاحتلال والوصاية، كالمجلس الأعلى اللبناني – السوري، ومعاهدة الأخوة والصداقة والتنسيق أو ما بقي منها، والتخلّص إلى غير رجعة من شعارات “وحدة المسار والمصير” و”شعب واحد في بلدين”، البائدة.
– إكمال الدولة حتى النهاية متابعة ملف المعتقلين والمخفيين في سجون الأسد.
– المطالبة بإعادة فتح كل ملفات الجرائم التي تحمل بصمات نظام الأسد، أو له دور فيها بشكل أو بآخر، مِن ملف الرئيس بشير الجميل، إلى انفجار المرفأ، مروراً بتفجير مسجدي التقوى والسلام ومخطط سماحة – المملوك، ووضع الضالعين فيها، ومنهم معروف بالاسم، خلف القضبان، أو إعادتهم إلى السجون ومِن هؤلاء حبيب الشرتوني.
أزلام الأسد في بيروت؟
أما “الطارئ” اليوم، تتابع المصادر، فهو أن تتصرف الدولة سريعاً لمنع تحويل العاصمة أو ضاحيتها إلى مربعات أمنية يحتمي فيها أزلام النظام الأسدي المخلوع. إن غض النظر عن هذه المعلومات، سيشكّل استفزازاً للسلطات الجديدة في سوريا وللقانون الدولي، ولبنان في غنى عنه.
أين تقف الحكومة؟
الآن، هو الوقت الأنسب لإنجاز هذه الخطوات التي لم يفكّر المتواطئون مع الأسد في لبنان، بالمطالبة بها، والتي لم يتجاوب النظام المخلوع سابقاً مع المطالبين بتحقيقها. في أي خانة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي اليوم؟ هل لا تزال تحت عباءة “حزب الله”؟ أم تحررت منها وستلتحف المصلحة الوطنية العليا؟ إذا كان الخيار الأول هو المرجح، فإنه سبب إضافي لاستعجال إجراء انتخابات رئاسية تؤسس لفتح صفحة حكم جديدة، يضع خلالها الجالسون في قمرة قيادة البلاد، هذه الأهداف كلها، نصب أعينهم.. ووفق المصادر، لا بد أن يكون رئيس الحكومة السنّي الجديد، رائداً في التعاطي مع الحكم السوري السنّي الجديد أيضاً، ما يخدم “لبنان أولا”، ويكون نقيض ما حصل في ستينيات القرن الماضي، ونقيض طبيعة الحلف الذي قام بين “حزب الله” والحكم العلوي في سوريا، وكان لخدمة “الحزب” لا لبنان.
فرصة تاريخية
تختم المصادر: الفرصة المتاحة الآن تاريخية، وهي لا تأتي كل يوم: فنظام الأسد سقط، و”الإيراني” يفقد أذرعه. ومَن دمّروا لبنان وحوّلوه ساحة، يُدمَّرون تباعاً، وعلى بلد “الفرص الضائعة” أن ينزع عنه هذه الصفة، ويستفيد لمرّة مِن التقلّبات في المحيط، لبناء الدولة وتعزيز السيادة.