IMLebanon

سقوط حلم السلطان وصعود التعددية الديمقراطية

رسالة الناخب التركي جاءت مدوية: لا للتغيير نحو الأسوأ، ولا للستاتيكو. نعم لبرلمان على صورة المجتمع التعددي ومثاله. فما راهن عليه الرئيس رجب طيب أردوغان هو حصول حزب العدالة والتنمية على أكبر عدد من المقاعد لتعديل الدستور والانتقال من النظام البرلماني الى النظام الرئاسي. وما حدث هو توجيه صفعة لغطرسة أردوغان ورفض ارتهان تركيا لنظام الرجل الواحد. وهو بالطبع بدء مسار النزول للحزب الحاكم بعد ١٣ عاماً من الصعود.

ولا مجال لإخفاء الصدمة. لا بقول رئيس الحكومة أحمد داود أوغلو الذي أدار الحملة الانتخابية ان حزب العدالة والتنمية هو الفائز. ولا بدعوة أردوغان الأحزاب الى التصرّف بمسؤولية للحفاظ على الاستقرار بعدما هاجمها بعنف. صحيح ان الحزب الحاكم لا يزال الأول بين الأحزاب حسب النتائج، لكن الصحيح أيضاً انه الفائز – الخاسر. فهو تراجع ٩ نقاط عن الانتخابات السابقة، وخسر أغلبيته، ولم يرث مقاعد الأكراد بحكم قانون الانتخاب الذي وضعه العسكر. إذ نجح حزب الشعوب الديمقراطي في تجاوز حاجز العشرة في المئة، بعدما ركّز أردوغان على حرمانه من ذلك لوراثة مقاعده، وبالغ في التهجم عليه الى حدّ وصف زعيمه صلاح الدين دميركاش بأنه صبي تافه. أما دميركاش الذي قام بمغامرة دقيقة وحقق للاكراد دخول اول حزب لهم الى البرلمان، فانه قال ان الفارق بين اردوغان وهتلر هو الشوارب.

واذا كان حزب العدالة والتنمية يتصرف على أساس ان ما حدث هو مجرد هزة، فان الاحزاب الثلاثة التي فازت بمقاعد تشكل اغلبية توحي ان ما حدث هو زلزال. لا فقط على صعيد السياسة الداخلية التي تفرد بها الحزب الحاكم منذ العام ٢٠٠٢ بل ايضا على صعيد السياسة الخارجية التي جعلتها احلام اردوغان كوابيس. فالحزب الذي جرى تسويقه كحزب اجتماعي ديمقراطي اسلامي معتدل وضد الفساد في نظام علماني تكشف عن حزب ديني له أجندة غير معلنة لانهاء العلمانية. وشعار صفر مشاكل مع دول المنطقة صار واقع مشاكل مع كل الدول تقريبا عبر طموح اردوغان لأن يحكم المنطقة الاخوان المسلمون بزعامته، حيث المركز تركيا عبر العثمانية الجديدة.

اليوم دق الناخب التركي ساعة الخروج من سياسة الارتداد عن العلمانية والديمقراطية والتعددية. ولا مهرب امام حزب العدالة والتنمية، مهما يكن سيناريو الخيارات: حكومة اقلية على الطريق الى انتخابات مبكرة، حكومة ائتلافية، وحكومة من احزاب المعارضة الثلاثة. فما سقط هو حلم اردوغان في دور السلطان الذي ينهي الاتاتوركية. وما أعيد له الاعتبار هو الدستور.