في انتظار المحطة المقبلة من حوار الكتل المرتقب استئنافه في 26 من الجاري و27 و28 منه، تدخل البلاد مرحلة شلل تام لا يخرقها سوى جلسة يتيمة لمجلس الوزراء محصورة أعمالها بملف النفايات، فيما الساحة مستباحة لـ”حراك مدني” لا يقارب المدنية بشيء، بل ينحو أكثر فأكثر نحو اغراق شوارع العاصمة ووسطها التجاري في أعمال شغب تخرج عن سياق التحرك الاحتجاجي، والمطالب أو الشعارات التي تخاض المعارك تحت عناوينها.
ليس مستبعداً أن يعمد رئيس الحكومة تمام سلام اليوم الى توجيه الدعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء تخصص لاستكمال البحث في الاجراءات المطلوب اتخاذها، وتحتاج الى قرار حكومي لمباشرة تنفيذ خطة وزير الزراعة أكرم شهيب لمعالجة أزمة النفايات. أما في ما عدا ذلك، فان الحكومة تتجه الى عطلة قسرية فرضها سقوط كل الافكار والاقتراحات المرتبطة بتسوية مسألة الترقيات العسكرية، فضلا عن آلية العمل الحكومي، مما يجعلها في حالة تصريف أعمال غير معلنة لأجل غير قصير وغير محدد، ما دام الوضع السياسي على حاله من التأزم والانزلاق أكثر نحو المستنقع السوري الذي يزيد الاوضاع تفاقماً وتأزما.
فطاولة الحوار التي وفرت الغطاء السياسي للحكومة للاجتماع حصرت جدول الاعمال ببند وحيد يتعلق بملف النفايات. وعلم في هذا الاطار أن سلام لا يزال يتريث قبل دعوة الوزراء في انتظار معرفة ما توصل اليه الوزير شهيب في الامور التي تتطلب قرارا حكوميا، ولا سيما مسألة اختيار موقع لمطمر ثان غير مطمر سرار من أجل تقاسم عبء النفايات بما يوازي 1500 طن لكل مطمر.
وفهم من مصادر مواكبة للاتصالات الجارية أن “حزب الله” وحركة “امل” قد استمهلا حتى اليوم لاختيار موقع لا يتعارض مع المعطى الامني من جهة، مع الاخذ في الاعتبار عدم تلويث المياه الجوفية من جهة اخرى. علما أن أي تأخير في اعطاء الجواب سيؤدي بدوره الى تأخير المباشرة في تنفيذ الخطة التي تأتي ضمن سلة متكاملة تأخذ في الاعتبار مسألة المطامر في الدرجة الاولى. ومرد الخوف من تأخير كهذا يعود الى أن ما تم الاتفاق عليه بالنسبة الى اعادة استخدام مطمر سرار يشترط انشاء مطامر في مناطق أخرى ضمن ما بات يتعارف عليه بـ”الشراكة” بين المناطق في توزع أعباء النفايات.
وعليه، فان تحديد موعد للجلسة يبقى رهن حسم هذا الموضوع، فضلا عن انجاز المرسومين المتبقيين من أصل 4 مراسيم، ويتعلقان باجراء مصالحة مع المشغل “سوكلين” للفترة التي قامت خلالها الشركة بتسيير المرفق العام، وباطلاق عقود جديدة وتكليف مجلس الانماء والاعمار بها. علما ان مرسومي تحويل عائدات البلديات من الصندوق المستقل ومن الخليوي قد تم توقيعهما من الوزراء، الاول بقيمة 726 مليار ليرة والثاني بقيمة 525 مليارا.
ولكن ماذا بعد جلسة النفايات وكيف يتم تسيير شؤون البلاد والناس في ظل حكومة معطلة ومجلس نيابي مقفل ورئاسة شاغرة، واقتصاد غير منتج ومالية عامة عاجزة، فيما الاملاك العامة والخاصة مستباحة تحت شعارات التحركات الاحتجاجية التي ترتفع حدتها مرة تلو المرة منذرة بمخاطر التفلت من السقوف الحمر التي ترعى الاستقرار الداخلي؟
وإذا كانت الاصطفافات السياسية الداخلية تعيش على رهاناتها الخارجية على محوري حربي اليمن وسوريا، فان غياب لبنان عن الرادار الاقليمي والدولي، يدفع الى السؤال عن الفريق الذي سيتحمّل كلفة إنهيار المؤسسات ومسؤوليته في إنتظار شروط التسوية الكبرى؟