مع التطورات الدرامية التي عصفت باليمن منذ قرابة شهر وتوسع الحوثيين وسيطرتهم على العاصمة اليمنية وسعيهم الى السيطرة على مدن اخرى، وفر سقوط النموذج اليمني لمرحلة انتقالية قضت بتنحي علي عبد الله صالح وترئيس نائبه مع منحه الحصانة له ولاقربائه فرصة اضافية للذين استبعدوا اعتماد هذا النموذج حلا لسوريا حين عرض على الرئيس السوري التنحي مقابل حصانة له ولعائلته. اسقاط النموذج اليمني على سوريا هوى في مهده وجرى بسرعة نسبيا نزعه من المداولات لحل محتمل في سوريا مع رفض الرئيس السوري التنازل عن السلطة فيما كان يتكهن عارفون انه لو قبل بذلك فانه كان سيعود على حصان ابيض اما لفشل من سيخلفه في السلطة او بانقلاب مماثل للذي شارك فيه علي عبد الله صالح بالتعاون مع الحوثيين نظرا الى ان ايران وفق ما يعلن مسؤولوها عن رعاية طهران باوراق مكشوفة وواضحة ما يجري في المنطقة لن تتخلى بسهولة عن شريانها الحيوي الذي يصلها بـ”حزب الله” في لبنان. ومع نجاح الضربة العسكرية التي شارك فيها الغرب من اجل التخلص من الديكتاتور الليبي معمر القذافي في ليبيا وكانت بدأت الثورة السورية تحولها الى ثورة دموية مع توجيه النظام سلاحه ضد شعبه، تصاعدت مطالبات بان تعتمد الدول الغربية الاسلوب نفسه من اجل اجبار الاسد على الرحيل، لكن هذه الدول امتنعت عن ذلك تحت ذريعة ان ليبيا غير سوريا. ويتبين بعد ثلاثة اعوام على التدخل الغربي في ليبيا ان الغرب كان يتعمد عدم اسقاط الحل الليبي على سوريا وترك ليبيا للفوضى والمنازعات على السلطة والمداخلات الخارجية ربما لعدم رغبته في فوضى مماثلة على الحدود مع اسرائيل تتسبب بالقلق لها او للغرب ايضا. ومع التحول المصري الكبير الذي قضى بعودة الجيش لاستلام السلطة في مصر بعد تجربة فاشلة للاخوان المسلمين، التقط النظام السوري انفاسه وانتعشت اماله في ما قد يعنيه ذلك من فشل لاهم مرشح بديل له في السلطة اي الاخوان وما يعنيه بان الاستقرار في دول المنطقة غير محتمل الا بنسبة امساك الجيش بالسلطة بيد من حديد. لكن اسقاط التجربة المصرية على الوضع السوري، والتي رفض الاسد التحذيرات التي اطلقتها مع اسقاط حسني مبارك على قاعدة ان سوريا ليست مصر وفق ما اعلن في الموقف الابرز له قبيل انطلاق الثورة السورية، يظللها السجل المثقل للنظام في قمع شعبه والطابع الذي وسم به جيشه اي جيش النظام بدلا من ان يبقى الجيش السوري.
ومع تردي الوضع العراقي على وقع تصاعد تنظيم الدولة الاسلامية وسيطرته على المناطق ذات الثقل السني في العراق ما هدد بتفكك الدولة العراقية، بدا نموذج الحل العراقي الذي ابعد نوري المالكي من السلطة كمطلب ضروري مهم لبدء عملية اصلاح سياسي يستعيد السنة والاكراد الى الدولة العراقية مع عودة لافتة للولايات المتحدة الى العراق بعد خروجها منه على وقع تحميلها مسؤولية تركه كليا لايران من اجل ان تتحكم بمفاصله، نموذجا محتملا لحل للازمة السورية. ومع الانحلال المتجدد للجيش العراقي والتسليح العلني والمبرر على الارجح للاكراد العراقيين من اجل مواجهة تنظيم داعش ومساعدة التحالف الدولي ميدانيا وعدم ضمان امكان نجاح هذه المساعي في اعادة تجميع العراق، يخشى كثر الا يكون محتملا استنساخ التجربة العراقية في سوريا.
بالنسبة الى مصادر سياسية موالية للنظام واخرى تحاول ان تحابي ما تعتقده هيمنة وصعود ايرانيين ستسلم بهما الولايات المتحدة في المنطقة في نهاية الامر في مقابل انهاء الملف النووي الايراني كما سلمت وبسرعة بسيطرة الحوثيين في اليمن من دون اي موقف اعتراضي ربما لان الحوثيين تلحفوا بين ما تلحفوا به بمواجهة القاعدة التي تحاربها الولايات المتحدة في اليمن، فإن فشل نماذج الحلول في المنطقة سيعني البحث عن نموذج مختلف لسوريا تعتقد هذه المصادر بانه سيكون تسليما واقعيا ببقاء الاسد وان تجرى التحولات في سوريا تحت سقف استمراره خصوصا اذا كانت الحرب ضد داعش ستستمر ثلاث سنوات كما اعلن مسؤولون اميركيون. وهي مدة كافية لتغيير الادارة الاميركية الحالية ولتطورات كثيرة خصوصا اذا اخذ في الاعتبار تحييد افق الحل السوري من حرب التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة على داعش وحصرها في العراق فحسب في المرحلة الراهنة لاعتبارات من بينها مراعاة ايران وعدم استفزازها من اجل ايجاد حل لملفها النووي. والصعود الايراني الذي يحرص على دعائية تروج لانتصاراته وسيطرته على مفاصل المنطقة يجد صداه في ظل عدم اتضاح مواجهة حقيقية له. فحتى النموذج اللبناني الذي قضى بتوزيع السلطات في البلد على اساس الشراكة واقتسام المواقع الطائفية بما يحفظ لكل طائفة حقوقها يثير شكوكاً كبيرة وفق ما تقول هذه المصادر خصوصا بعدما تم تحويل النظام اللبناني الى نظام عاجز من دون مرجعية سياسية كحكم كان النظام السوري استحوذ عليها ابان وصايته على لبنان ويرفضها مع حلفائه منذ اعوام لرئاسة الجمهورية في لبنان وفي افشال حصول انتخابات رئاسية ما ادى الى تحويل الحكم في لبنان الى لويا جيرغا تطبق بطريقة سيئة في انتظار ان تفرج ايران عن هذه الانتخابات.