أسبوع جديد وشهر جديد سيتنفَّس فيه اللبنانيون الصعداء وتتنفَّس فيه الحكومة الصعداء بعد تجاوز قطوعات سلسلة الرتب والرواتب، هذه السلسلة بلغت جيوب الناس، وبالإمكان تأريخ أنَّ شهر أيلول 2017 هو أول شهر يتقاضى فيه موظفو القطاع العام رواتبهم وفق السلسلة الجديدة، وكذلك أساتذة التعليم الخاص، أما قانون الضرائب أو قانون الإيرادات الجديد فسلك طريقه إلى ساحة النجمة، على أن يحدِّد رئيس مجلس النواب نبيه بري سلسلة من الجلسات التشريعية لمناقشة القانون وإقراره، وكذلك لمناقشة موازنة العام 2017، تمهيداً لإجراء قطع الحساب وفق ما وعد به مجلس الوزراء، بمعنى أن يأخذ توقيع الموازنة على عاتقه من دون قطع حساب، على أن يتمَّ قطع الحساب بعد إنجازه حتى ولو كان الأمر سيستغرق عدة أشهر.
وهكذا تُطوى هذه الصفحة ولا يعود يتمُّ التعاطي مع الموازنة والسلسلة وقطع الحساب من باب المزايدات، بل يُصار إلى وضع كلِّ هذه الملفات جانباً، للتفتيش عن مصادر تمويل السلسلة من خارج قانون الضرائب الذي جرى الحديث عنه وتمَّ إبطاله.
***
أرسلت الحكومة ثلاثة مشاريع قوانين إلى مجلس النواب تتعلق بسلسلة الرتب والرواتب وتمويلها، بالتوازي مع تسلُّم رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري من الهيئات الإقتصادية ملاحظاتها على مشروع الضرائب.
القانون الجديد الذي لم تظهر معالمه بعد، يبدو أنَّ تمريره لن يكون سهلاً بين المصارف والهيئات الإقتصادية، التي بدأت جولة إتصالات أفضت إلى ورقة عمل رفعتها إلى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب. وما فُهَم من جمعية المصارف ومن الهيئات الإقتصادية أنَّ ورقة العمل لن تكون صدامية مع الحكومة ومع مجلس النواب، بل تسعى إلى أن تطالب بتوسيع مروحة العبء الضريبي، ولو التصاعدي، على الجميع من دون استثناء فيتحقَّق الهدف من دون تحميل فئات أكثر من غيرها.
***
صحيحٌ أنَّ قانون الموازنة، إذا صدر من دون قطع الحساب سيجد مَن يُلوِّح بالطعن به، لكن يبدو أن ثقةً بعدم الطعن هي التي جعلت رئيس الجمهورية يتلقَّف بصدره كرة نار الموازنة من دون قطع الحساب، وهكذا يكون أمام الحكومة تحدي إنجاز قطع الحساب في الشهور الآتية وقبل الدخول في مدار الإنتخابات النيابية. هذه الإنتخابات التي يبدو أنَّها الإستحقاق الأكبر الآتي بعد كل القطوعات التي مرت. فيكون ترتيب التسوية على الشكل التالي:
تُدفَع سلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام ولأساتذة القطاع الخاص، يتمُّ وضع القانون المعجَّل المكرَّر للضرائب الذي يتولى تمويل السلسلة، والأرجح أن يكون القانون ذاته الذي أبطله المجلس الدستوري ولكن مع تعديلات، ثم إقرار الموازنة والمصادقة عليها وإصدارها في قانون في الجريدة الرسمية لتصبح نافذة، ولاحقاً تتمُّ ترجمة الوعد بإنجاز قطع الحساب.
***
بعد ذلك يكون التحدي الأكبر وهو الإنتخابات النيابية التي يفترض أن تأتي بمجلس نيابي جديد هو الأول منذ حزيران 2009، كل القوى السياسية تعول على هذه الإنتخابات انطلاقاً من المعطيات التالية:
إنها أول إنتخابات نيابية في هذا العهد.
إنها أول إنتخابات نيابية وفق القانون النسبي، حيث أن الإنتخابات كانت تجري وفق قانون الأكثرية.
إنها الإنتخابات الأولى التي تتم وفق لوائح مقفلة، فلا تشطيب ولا ما شابه.
***
بهذا المعنى، فإنَّ كلَّ القوى عاكفةٌ على التحضير لهذا الإستحقاق لأنه سيظهر فعلاً لا قولاً حجمها السياسي الحقيقي.
ولكن في ظل كل هذه الإستحقاقات، تبقى الدبلوماسية النشطة للرئيس سعد الحريري هي الثابتة وسط كل المتغيرات. يتوجَّه رئيس الحكومة يوم الجمعة من الأسبوع المقبل إلى الفاتيكان، ويبحث في تطورات المنطقة، خصوصاً أنَّ الموقف الأخير للبابا تحدث عن موضوع النازحين وكيفية التعامل معهم.