IMLebanon

سقوط الهيكل

سواء استقال وزيرا حزب الكتائب من الحكومة، كما أعلن رئيس الحزب الشيخ سامي الجميل في المؤتمر الصحفي الذي عقده أمس في بيت الكتائب أو لم تقبل استقالتهما كما هو متوقع، فإن القرار الكتائبي من شأنه أن يضع البلاد أمام أزمة دستورية، تضاف إلى الأزمات الأخرى التي تعيشها منذ الشغور في رئاسة الجمهورية، مروراً بالتمديد غير الدستوري لمجلس النواب سواء استقال رئيس الحكومة أم استمر في تحمل مسؤولياته لمنع وقوع البلاد في الفراغ الكامل بما يعني ذلك من تداعيات على الوضع العام وعلى النظام القائم برمته، علماً بأن الحكومة بحالتها الراهنة، باتت مشلولة وعاجزة حتى عن تسيير شؤون النّاس البسيطة نتيجة الخلافات المستحكمة بين أعضائها، وتصرف كل وزير على أنه يمثل الحكومة مجتمعة مستنداً في ذلك إلى النص الدستوري الذي يقول في حال شغور رئاسة الجمهورية يتولى مجلس الوزراء مجتمعاً صلاحيات الرئيس إلى ان يتم انتخاب رئيس جديد، ومنذ تأليف الحكومة الحالية، عاش اللبنانيون الأزمات التي عاناها رئيسها بسبب تصرف بعض الوزراء على ان كل واحد منهم يمثل رئيس الجمهورية ويتمتع بالتالي بحق الفيتو على أي قرار يعتزم مجلس الوزراء إتخاذه حتى  بالنسبة إلى القرارات التي تتعلق بشؤون المواطن العامة. أو تتعلق بتسيير شؤون الدولة لتستمر عجلة الحياة العامة في تحركها ولا تصل الدولة في نظر الدول الأخرى إلى مرحلة الدولة الفاشلة.

لا نشك في حرص رئيس الكتائب على استمرار الدولة واستمرار عجلتها في الدوران، كما لا نشك في حرصه على الدستور وعلى النظام والانتظام العام، وبالتالي حرصه على بقاء هذه الحكومة ولو في وضعها غير الطبيعي كما يقول رئيسها، محافظة منه على الدستور وعلى النظام الديمقراطي الذي تتغنى به الكتائب وتدافع عنه في كل الظروف وفي كل مرّة يتعرّض فيها لنكسة أو لهزة متعمدة من قوى لا يعجبها هذا النظام ولا يلبي طموحاتها في التغيير.

ورئيس الكتائب يعرف قبل غيره وقال ذلك مراراً وتكراراً ان استقالة الحكومة في ظل الشغور الرئاسي يعني إدخال البلاد في المجهول وتشريع  الأبواب أمام الطامحين في تغيير النظام، وإقامة نظام آخر يلبي طموحاتهم التي يعرفها رئيس الكتائب تمام المعرفة فضلاً عن أن هناك إشكالية دستورية يعرفها أيضاً وهي لمن تقدّم الحكومة استقالتها ما دام الشغور في رئاسة الجمهورية، وفي حال قدمتها إلى الرأي العام ألا يؤدي ذلك إلى الوصول للفراغ الشامل لكل مؤسسات الدولة بدءاً برئاسة الجمهورية وصولا إلى السلطة الاجرائية أي الحكومة ويصيبهما الشلل الكامل في السلطة التشريعية وحتى في السلطة القضائية، وهو ادرى النّاس بأوضاع السلطة القضائية من موقعه كنائب وكرئيس لحزب الكتائب.

بالرغم من قراره سحب وزيريه من الحكومة احتجاجاً على ما آلت إليه اوضاعها ولتسجيل موقف امام الرأي العام اللبناني، الا اننا ما زلنا نميل إلى ان هذا القرار سيبقى في حدود الاعتكاف المؤقت للوزيرين الكتائبيين، كون الاستقالة صرخة وجع ليسمعها الجميع قبل سقوط الهيكل على رؤوس الجميع.