IMLebanon

سقوط الهيكل

 

د. عامر مشموشي

 

لا جديد على خط التأليف، ذلك لأن المواقف لا زالت على حالها، فلا رئيس الجمهورية على استعداد للتنازل عن حصته الوزارية في الحكومة التي يجري البحث في تأليفها ولا عن حصة التيار الوطني الحر الذي يُشكّل في نظره أكبر كتلة نيابية في مجلس النواب، ولا عن بدعة ان يختار نائب رئيس مجلس الوزراء، ولا حتى عن قراره المضمر في أن يمتلك هو وتكتل لبنان القوي الذي يتزعمه رئيس التيار الوطني الحر الثلث المعطل في الحكومة العتيدة والذي يمكنه من الإمساك بالقرارات الحكومية التي تحتاج إلى أكثرية الثلثين، فضلاً عن التحكم بمصير الحكومة. وفي المقابل لا الرئيس المكلف قبل بشروط رئيس الجمهورية، ولا تنازل عن الصيغة التي رفعها إلى رئيس الجمهورية والتي تستند إلى الاحجام التي أفرزتها نتائج الانتخابات النيابية، ولا هو أبدى أية ليونة تجاه التركيبة المقترحة للحكومة والتي تقوم على التوازن الوطني داخلها، وليس على قاعدة الغالب والمغلوب التي يتلطى وراءها التيار الوطني الحر بدعم فاقع من رئيس الجمهورية.

هذا ما استخلصته الأوساط السياسية المتابعة للاجتماع الذي عقد أمس بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بمعزل عن التأكيد على استمرار مفاعيل التسوية السابقة التي أفضت إلى انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وسعد الحريري رئيساً لحكومة وفاقية ضمّت معظم القوى السياسية والحزبية باستثناء حزب الكتائب، وكانت الغلبة فيها واضحة لفريق رئيس الجمهورية وحليفه حزب الله وباقي قوى الثامن من آذار باكثرية 17 وزيراً من أصل 30 وزيراً هم عدد أعضاء مجلس الوزراء مجتمعاً. ما معناه بكلام أكثر وضوحاً ان الأزمة الوزارية مستمرة، ولا يوجد في الأفق المنظور أية بوادر حلحلة، الا في حال قرّر الرئيس المكلف الاعتذار عن متابعة مهمة التأليف وهو غير وارد لا في قاموسه ولا في قاموس قوى سياسية اساسية في البلاد كالقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي اللذين منحا كل ثقتهما للرئيس الحريري وابديا عملياً الاستعداد لتسهيل مهمته في تشكيل حكومة وفاقية متوازنة وطنياً وليس على شاكلة الحكومة السابقة التي لم تراع التوازن الوطني الذي يعبر عنه عادة بالحكومة الوفاقية التي تجسّد مبدأ اللاغالب واللامغلوب، الذي يحكم الحياة السياسية في البلاد منذ قيام دولة الاستقلال حتى الساعة وعندما كان هذا المبدأ يختل لمصلحة فريق على حساب الفريق الآخر تسير البلاد بخطى سريعة في اتجاه الاحتراب الداخلي.

لسنا من هواة تكبير حجم الأزمة التي دخلت فيها البلاد، انطلاقاً من ادراكنا لمخاطرها الجمعة، على العهد أولاً وعلى البلد برمته، لكن الواقع يفرض على كل مخلص ان يرفع صوته بالحقيقة حتى لا تضيع الفرصة المتاحة ويسقط الهيكل على رؤوس الجميع.