Site icon IMLebanon

مصير ومسار

مشهد التراشق والإشتباك بين المتظاهرين والقوى الأمنية، وبين المتظاهرين وعناصر تابعة لأحد الأحزاب يوم أول من أمس، إستفزني كثيراً كما إستفز الذين شاهدوه على شاشات التلفزة التي حرصت على تغطية هذا الحراك الشعبي منذ إنطلاقته وحتى تفرّقه وذلك لتأكيد تعاطفها مع هذا الحراك.

أقول إستفزني لأن مهمة القوى الأمنية هو الحفاظ على التظاهرة ومنع الإعتداء عليها، ما دامت سلمية وهدفها التعبير عن وجعها وهذا حق لكل اللبنانيين نصّ عليه الدستور وأكدته الأعراف والعادات والتقاليد، والتعامل معها بالأسلوب الملائم في حال خرجت عن سلميتها وإعتدت على الأملاك العامة أو الخاصة، وهذا لم يحصل في تظاهرة أول من أمس، الأمر الذي إستفزني كما إستفز غيري من اللبنانيين كما تُجمع على ذلك مواقع التواصل الإجتماعي في تعليقاتها على ذلك المشهد.

وما إستفزني أكثر تصرّف المتظاهرين مع القوى الأمنية، الذي أدّى إلى حصول ما حصل في ذلك النهار، وهو إقدام بعضهم على رشق هذه القوى بالبيض والبندورة اللذين استقدموهما معهم لرشق مواكب القيادات السياسية التي تأتي إلى مجلس النواب للمشاركة في طاولة الحوار، ونحن نسأل المتظاهرين ما هو ذنب رجال القوى الأمنية لترشقوهم بالبيض بدلاً من أن ترشقوا السياسيين الذين تتهمونهم بالفساد والإفلاس وتضييع حقوقكم، أليس هؤلاء شريحة منكم تلقت الأوامر بالحفاظ على سلمية التظاهرة، وحماية المتظاهرين من أي اعتداء أو محاولة إعتداء تقوم بها جهات مدسوسة لها أغراض وأهداف مختلفة.

لكن الإستفزاز الأكبر هو مشهد أولئك الأشخاص الذين إنقضّوا على المتظاهرين وأشبعوهم ضرباً بالعصي والكراسي وبعض الأدوات الحادّة كالسكاكين وغيرها كما أعلن المتظاهرون أنفسهم بذريعة أن المتظاهرين أطلقوا شعارات معادية لرئيس الحزب الذي ينتسبون إليه لأنهم لم يتحمّلوا سماع هذه الهتافات التي تجاوزت الحدود إلى الشتائم، وهذا غير مسموح، لأنه تجاوز حدود الحرية المسموح بها إلى التعدّي على حقوق الآخرين الأمر الذي يعاقب عليه القانون وليس أولئك الشباب الذين إنقضّوا على المتظاهرين وأشبعوهم ضرباً على مرأى من عيون القوى الأمنية المكلّفين بحماية التظاهرة والمتظاهرين ومنع الاعتداء عليها ما دامت لم تتجاوز الحدود التي يسمح بها القانون.

غير أن الأهم من كل ذلك هو أن ما شهدناه أمس الأول وقبله وما سمعناه من هتافات وشعارات رفعها المتظاهرون تطرح تساؤلات عن مناعة التظاهر وعناوينه المتعددة والمتباينة بين من يطالب بإستقالة وزير البيئة ومن يطالب بتغيير النظام لإسقاط الطبقة السياسية الفاسدة ومطالب بإلغاء النظام الطائفي بما يفترض حتماً على المتظاهرين أنفسهم إعادة قراءة متأنية للجهات المسؤولة عن حراك الشارع، وما إذا كانت لوثة الإنقسامات التي تحكم البلاد تغلغلت في صفوفهم لتحرف قضيتهم عن مسارها الصحيح.