IMLebanon

مصير ايران معلق على الحروب الاقليمية؟!

 

لم تستوعب ايران ولن تستوعب  ان الاتفاق النووي الذي ابرمته مع الولايات المتحدة الاميركية، قد جاء لمصلحة اميركا والغرب عموما، بدليل تشكيك طهران على لسان الزعيم الديني الامام علي خامنئي، وقوله الاخير ان الاميركيين وصلوا الى غاياتهم فيما لم تقدر ايران على الحصول على الحد الادنى مما كانت تطالب به، حتى وان حصلت على مردود مالي ولن تصل خلاله الى ما يلبي مصالحها المعنوية قياسا على ما كانت تراه حقا من حقوقها كدولة مستقلة!

ان اصرار ايران على ان تلعب دورا سياسيا وعسكريا في كل من العراق وسوريا واليمن يبدو مقبولا من جانب اميركا، ليس لانها قادرة على احداث تغيير في نمط الحرب بل لانها مؤهلة لان تستنزف طاقاتها المادية والمعنوية من غير ان تكون  قد حققت ما هي بصدده السياسي، كل ذلك لان كلفة الحرب في الدول الثلاث تفوق قدرتها على تحملها، وهذا من ضمن الرهان العربي والدولي الذي لا طاقة لايران على الخوض فيه لمصلحتها، والا فان رد فعل اسرائيل كان قد اختلف خصوصا ان ماليتها في الحضيض طالما استمرت اللعبة العسكرية طويلا الامر الذي يبدو في سياق التوقيع المرتقب على الاتفاق النووي في اواخر حزيران المقبل، حيث كثر الحديث عن ان طهران في حال مادية وعسكرية صعبة.

وما يقال عن سوريا والعراق لا بد وان يقال مثله واكثر عن الحال الايرانية في اليمن حيث يؤكد المراقبون ان لا مجال لقدرة ايران على ان تغير حرفا في مسار العملية العسكرية، لاسيما ان المعارك الدائرة في سوريا تكاد تستنزف الطاقات الايرانية، بما في ذلك طاقات حزب الله، لان القدرات البشرية والمادية في النسبة لايران وحزب الله تعاني من الانهاك، نظرا لوجود حاجة ملحة من جانب الطرفين لعمليات تسلح مقتصرة على الجسر الجوي والبحري الذي يتأمن للجانبين من قبل الروس، الذين يكادون ان يمتصوا خيرات ايران جراء الكلفة العالية للحرب في سوريا، اضافة الى كلفة الحرب في كل من العراق واليمن؟!

وفي رأي المراقبين الديبلوماسيين، فان الحال المادية في كل من سوريا  واليمن تبدو خانقة، حيث لا استعداد مسبقا لتغطية تكاليف الحرب هناك، اضافة الى ديمومتها لاكثر من خمس سنوات ما يعني ان الاستنزاف قائم لاعتبارات سياسية وعسكرية ومادية خصوصا ان قدرات الروس صعبة ماديا، لاسيما ان المعارك العسكرية مرشحة لان تستمر لسنين طويلة في كل من العراق وسوريا واليمن الامر الذي يوحي وكأن الروس بلغوا ذروة مساعداتهم في الدول الثلاث!

وما يثير التساؤل في هذا الصدد ان اي تقاعس من جانب روسيا سينعكس سلبا على العراق وسوريا واليمن، اضف الى ذلك ان خسائر الايرانيين البشرية تعدت طاقة الاحتمال من غير حاجة الى القول ان الرئيس حسن روحاني قادر معنويا على تحمل المزيد جراء ارتفاع موجة التساؤل والانتقاد في طول ايران وعرضها، بدليل التراجع العلني لتأييد السلطة في ما هي بصدد فعله في العراق وسوريا واليمن، فضلا عن ان الامور الكبرى مرهونة بالاتفاق النووي المرتقب توقيعه مع اميركا والدول الغربية قياسا على مواقف السياسيين الايرانيين الذين لم يعودوا متحمسين عما كانوا اعلنوا عنه سابقا؟

وما يقال عن تراجع الثقة بالنفس من جانب الرئيس بشار الاسد يقال مثله بالنسبة الى تراجع الثقة بقدرة الحوثيين الذين يقال عنهم انهم قادرون على التحكم بمجريات الامور في اليمن، اضافة الى ان العمليات العسكرية للتحالف العربي لا تقاس بقدرة اليمنيين على التحمل، لذا فان البحث بوقف موقت لاطلاق النار يقابل باستعداد يمني فوري ومعلن والامر عينه ينطبق على الاعلان الموقت لوقف اطلاق النار في كل من سوريا والعراق، على الرغم من رفض الروس ذلك لانهم يشعرون بان وقف النار ليس في مصلحتهم؟!

اما وقد تغيرت المعادلة العسكرية في كل من العراق وسوريا واليمن، على اساس ما ليس بوسع ايران توفيره بالمزيد من الاسلحة ومن الاحوال، فان الامور في الدول الثلاث تسير باتجاه المزيد من الاختناق العسكري والمادي، بدليل اعتراف الرئيس بشار الاسد بان الامور الداخلية لم تعد ممسوكة كما سبق حصوله،  لكن الايرانيين يصرون في المقابل على تقديم المزيد من الذبائح السورية كي لا يقال ان سلاحهم لم يفعل فعله ولا يغير مجريات الحرب!

ومن الان الى حين اقتراب موعد التوقيع على الاتفاق النووي ستكون ايران مضطرة لان تغير مسلكها العسكري لتجنب المزيد من الاختناق السياسي الداخلي حيث ارتفعت وتيرة الانتقاد الى ما يشبه التخوف من ارتفاع نقمة المعارضة، وهذا غير مستبعد في المستقبل المنظور؟!