يُدَوِّن احد المخضرمين المواكبين لعالم الانتخابات النيابية في لبنان، على قصاصة ورقية اسماء… «بهية الحريري، اسامة سعد، امل ابو زيد وابراهيم عازار»… ويضع القلم جانبا ليردد ان المقعد الكاثوليكي في جزين، الذي شكل العنوان الرئيسي لـ «معركة عض الاصابع» الجارية بين «تيار المستقبل» و«التيار الوطني الحر»، سيكون «مقعد التعويض» عن خسارة مقعد ماروني في جزين لهذا التيار، وخسارة مقعد سني لذاك «التيار»… وهو سيبقى «حزورة» خاضعة لكل اشكال التكهنات… حتى انقضاء مهلة اعلان اللوائح بعد اربعة ايام، و«كشف المصير» بين التيارين البرتقالي والازرق… او مع فتح صناديق الاقتراع.
باتت القوى التي لم تحسم بعد خياراتها الانتخابية لخوض المعركة ـ المنازلة، المتوقع حدوثها في دائرة صيدا ـ جزين يوم السادس من ايار المقبل، امام سباق مع ما تبقى من وقت للحسم في تحالفاتها… فيما مرحلة حبس الانفاس بين «التيار الوطني الحر» و«تيار المستقبل»، بعد اصطدام حساباتهما الانتخابية والسياسية بجدار سيحول دون التوافق على لائحة تجمعهما، وبحسب المعطيات والوقائع الشحيحة الخارجة من صالونات التفاوض لدى مختلف اللاعبين في انتخابات الدائرة، تؤشر الى ان التيارين في طريقهما الى التمركز في لائحتين متنافستين، الى جانب لوائح اخرى متوقع الاعلان عنها، بالاستناد الى «ايجابيات» يُسَوِّق لها «المستقبل» مع «القوات البنانية»، بعد ان انجزت جملة من التحالفات معها في عدد من الدوائر، بما يلبي «تمنيات» حملها الرئيس سعد الحريري من زيارته الاخيرة الى السعودية.
ثمة من يُكثِر من التساؤلات عما اذا كان «تيار المستقبل» سيطيح باي امل بالتحالف مع «التيار الوطني الحر»، مع تقدم البحث مع «القوات اللبنانية»؟ سؤال ظهرت ملامح الاجابة عنه مع طرحه في الاوساط السياسية المختلفة التي تترقب الايام القليلة المقبلة، في ضوء ما وصل الى دائرة صيدا ـ جزين الانتخابية من «تقدم مثمر» تحدثت عنه اللقاءات المتواصلة التي تعقد بين «المستقبل» و«القوات»،، والتي احدثت بعض التحولات في ملف العلاقة بين «حلفاء الامس»، غداة ازمة «استقالة الرياض»، وهذا لا ينفي خيار دخول «المستقبل» في لائحة «مستقبلية» يشكلها هو بمرشحين سنيين وثالث كاثوليكي، بالمقابل، لاحظ المتابعون تقاربا «حتى اشعار آخر» بين «الوطني الحر» والمرشحَين عن المقعدَين السنيَين في صيدا الدكتور عبد الرحمن البزري ومسؤول الجماعة الاسلامية في الجنوب الدكتور بسام حمود، من دون ان يجزم اي من الاطراف ان تحالفا سيجمعهم، في وقت سيعلن فيه امين عام التنظيم الشعبي الناصري الدكتور اسامة سعد المرشح عن احد المقعدين السنيين في صيدا، والمحامي ابراهيم عازار المرشح عن احد المقعدين المارونيين في جزين، يوم السبت المقبل من جزين، عن اللائحة التي ستجمعهم مع مرشحين آخرين.
الدائرة الثالثة في الجنوب التي تضم مدينة صيدا ومدينة جزين وقرى وبلدات قضائها، بحصة نيابية هي خمسة مقاعد (مقعدان سنيان في صيدا، ومقعدان مارونيان ومقعد كاثوليكي في جزين)، يتنافس عليها «كوكتيل» من القوى الحزبية والتيارات السياسية والعائلية المختلفة، في ظل سخونة متوقعة للمعركة ـ المنازلة، يرفع من درجاتها التوزع الطائفي في الدائرة، وهي على النحو التالي: في صيدا 57614 ناخبا، 50900 ناخب سني، 6672 ناخباً شيعياً، و3791 ناخباً مسيحياً، وفي جزين 59222 ناخبا، 33443 ناخباً مارونياً، 12413 ناخباً شيعياً، 8597 ناخباً كاثوليكياً، 1487 ناخباً ارثوذكسياً، و1443 ناخباً سنياً. في دائرة صيدا ـ جزين وفيها 116836 ناخبا، تشير اليها بوضوح الخارطة السياسية التي تشملها الانتخابات، والتي تمتد من صيدا والخصومة السياسية الحادة بين «تيار المستقبل» من جهة، والتنظيم الشعبي الناصري وحلفائه في القوى اليسارية من جهة ثانية، اضافة الى حضور الجماعة الاسلامية والدكتور عبد الرحمن البزري والجمهور الموالي للشيخ احمد الاسير المحكوم بالاعدام، الى جزين والوجود الفعلي لـ «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» وقوى حزبية منها «الكتائب»، اضافة الى عائلات سياسية عريقة تركت بصمات في الحياة السياسية في لبنان، مرورا بالتأثير المباشر لحركة «امل» و«حزب الله» داخل مدينة صيدا وفي قرى وبلدات جزين التي تعرف بـمنطقة «جبل الريحان»، والسمة البارزة في المسار الانتخابي، وفق ما يرى مطلعون، هو التريث والحرص على عدم التفريط بما رُسم من نتائج، فالهم المشترك عند الجميع الوصول الى صياغة تحالفات تحقق الحد الادنى من الامال المعلقة، لكن الحقيقة مختلفة بحيث تؤكد القراءات العلمية لواقع خارطة انتخابات هذه الدائرة، والتأثير الفعلي والاساسي للحاصل الانتخابي والصوت التفضيلي، ان أقصى ما يمكن ان تحصل عليه التيارات «الطامحة» باستئثار الحصة الاكبر من المقاعد، سيكون «جزء من كل»، بالرغم من حملات «النفخ» في القوة التجييرية التي يبالغ بها معظم المرشحين.
ايام قليلة .. وتستنزف القوى والتيارات في دائرة صيدا ـ جزين مهلة تقديم اللوائح، لتُكشف كافة الحيثيات التي حفلت بها جولات التفاوض التي تركزت على مصير المقعد الكاثوليكي في جزين، التي تحكمت بها الحسابات الدقيقة لكل طرف من الاطراف، والمتوقع ان يتوزع اكثر من نصف عدد المرشحين والبالغ عددهم 27 مرشحا، 10 منهم على المقعدَين السنيَين في صيدا، و17 على المقعدين المارونيين والمقعد الكاثوليكي في جزين، على ثلاث لوائح او اربع، ارتسمت واحدة منها ستضم الدكتور اسامة سعد والمحامي ابراهيم عازار، مع مرشح كاثوليكي تعلن هويته مع الاعلان الرسمي للائحة، ووفق مصادر سعد .. فانه من غير المستبعد ان تكون اللائحة كاملة من خمسة مرشحين.
ويرى عارفون بواقع الحال الانتخابي في صيدا وجزين، ان «الانقلابات» السياسية والتحولات الانتخابية التي سجلت على جبهتي «حلفاء الامس»… و«اخصام اليوم»، والتي حفلت بها التحضيرات التي انطلقت قبل شهرين، وبخاصة في حال تموضع «الوطني الحر» و«المستقبل» في لائحتين متنافستين، ستزيد من حماوة المعركة ـ المنازلة، فاللاعبون المؤثرون سيتوزعون على ثلاث لوائح تتنافس على خمسة مقاعد، ويلفت هؤلاء الى ان من مصلحة «الوطني الحر» ان يضم الى لائحته مرشحا بشعبية «متواضعة»، للحفاظ على الصوت التفضيلي للمرشحَين المارونيَين في جزين، وفق ما تقتضي الحاجة الانتخابية، وقد يجد نفسه مضطرا للجوء الى ذلك، فلا مصلحة له في مرشح يأخذ حصة من كعكة الصوت التفضيلي، على حساب المرشحَين الآخرَين، وهو ما سيكون لمصلحة المنافس الحقيقي لـ «التيار» عن احد المقعدين المارونيين في جزين ابراهيم عازار المتحالف مع الدكتور اسامة سعد في صيدا، بدعم من «الثنائي الشيعي» علما ان اشكالية الصوت التفضيلي امام مرشحين مارونيين ستواجه «التيار»، ولرفع الحاصل الانتخابي حسَّن «الوطني الحر» من وضعه في المفاوضات مع «تيار المستقبل»، بعد ان فتح خطوطه على «الجماعة الاسلامية» والدكتور عبد الرحمن البزري ، بعد الفراق الانتخابي الحاصل بينها وبين «المستقبل» المطمئِن على وضعه الانتخابي في الفوز باحد المقعدين السنيين في صيدا، لكن الكلمة الاخيرة ستأتي من غرفة عمليات «بيت الوسط»، ترسي على خيار من ثلاثة، الدخول في المعركة بلائحة «مستقبلية» بعيدا عن اي حليف سياسي ام انتخابي، التحالف مع التيار الوطني الحر… او التحالف مع «القوات اللبنانية».