يجلس المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان في لقاءاته مستمعاً لما يقوله ضيوفه أو مستضيفيه حول الواقع الرئاسي الحالي، وعندما يتحدث يطرح أولاً السؤال حول رؤية الجالس معه للحل، متطرقاً الى الحوار ورأي الأطراف اللبنانية فيه، قبل أن ينقل ما يسمعه الى الفرنسيين وأعضاء الدول الخمس بالإضافة الى إيران، قبل أن يتقرر الدعوة الى حوار لبناني في الخارج، خاصة أن القوى السياسية لا تزال غير موافقة على مبدأ الحوار غير المشروط.
سأل لودريان الثنائي الشيعي بشكل واضح عن رأيه بالدعوة الى الحوار، ففصّل له رئيس المجلس النيابي نبيه بري بحسب مصادر متابعة دوره بخصوص الحوار وكيف دعا له منذ البداية قبل أن يكون طرفاً بالصراع الرئاسي، وكيف تعاطت الأحزاب المسيحية مع الدعوة الى الحوار، مؤكداً أمام ضيفه الفرنسي أن حزب الله وحركة أمل مستعدان لأي حوار وكل حوار دون أي شروط مسبقة.
طُرح على الثنائي الشيعي فكرة الجلوس حكول طاولة واحدة مع المعارضة لكن بشرط تخليه عن دعم ترشيح سليمان فرنجية، فكان الجواب الذي سمعه لودريان بنفسه بأن الشروط مرفوضة، ومن يريد الحوار فليتفضل دون قيد أو شرط، وتُشير المصادر الى أن الثنائي يفضل الحوار بلبنان، لكنه لن يقف حجر عثرة أمام حوار بالخارج، على أن يكون جدول أعماله شاملاَ للرئاسة وما بعدها.
بالمقابل ترفض القوات اللبنانية مبدأ الحوار الشامل، وبحسب المصادر فهي لا تزال عل الموقف نفسه الذي أطلقته يوم كان البطريرك الماروني يفكر بالدعوة الى حوار مسيحي – مسيحي، وتؤكد أن الجلوس حول طاولة واحدة مع الجميع سيجعل النتائج غير مضمونة، وسبق لهم أن جربوا هذه الطاولة قبل حرب تموز.
وتكشف المصادر أن القوات اللبنانية ترغب بعقد لقاءات ثنائية بطريقة تشبه ما حصل بين قوى المعارضة خلال رحلة تبني المرشح جهاد أزعور، فهذه الطريقة أثبتت نجاحها دون أن تلتقي القوات بشكل مباشر مع التيار الوطني الحر، ويمكن تكرار هذه التجربة في الحوار مع باقي المكونات الداخلية.
أما بالنسبة لباقي المكونات، فلا مشكلة لدى الحزب التقدمي الاشتراكي بالحوار بكافة أشكاله، لا بل ترى مصادره أن الحوار بات شرطاً أساسياً وضرورياً لنجاح محاول إنهاء الفراغ، فالتجارب أثبتت أن المجلس الحالي غير قادر على انتاج الحلول بحال استمر كل طرف على موقفه. وتشير المصادر الى أن الاشتراكي لا يضع شروطاً على الحوار ولا يطالب بالتخلي عن المرشحين قبل الجلوس الى الطاولة، معتبرة أن شروطاً كهذه يتم وضعها لعرقلة محاولة الحل.
يشبه موقف التيار الوطني الحر موقف الحزب الاشتراكي، فالتيار كان من أول وأبرز المطالبين بالحوار لأنه يرى به تثبيتاً لدور رئيسه جبران باسيل باختيار الرئيس المقبل، وهو يعتبر أن أي حوار لبناني سيستبعد وصول رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى قصر بعبدا، مع العلم أن الحوار قد يوصل العماد جوزاف عون الى سدة الرئاسة.
بعد أن أصبح واضحاً أن لا رئاسة دون توافق، تبقى كيفية الوصول الى هذا التوافق، فهل يكون عبر حوار لبناني بالخارج، وماذا عن جدول أعمال الحوار، هل يقتصر على الرئاسة أم يذهب أبعد منها، كل هذه الأسئلة يحاول لودريان إيجاد أجوبة عنها خلال شهر تموز بعد أن اقتنع بأن التسوية لن تتم على اسم بل على مشروع، لذلك قد يمر الصيف برئاسة فارغة، فالحوار بحال حصل لن يتم قبل شهر آب، يقول المتفائلون، أما المتشائمون فطلبوا البحث في مصير قيادة الجيش لأن الرئاسة بعيدة.