في جميع مواقفه الاخيرة معلنة كانت ام غير معلنة، أصر الرئيس التركي رجب طيب اردوغان على ان الحرب ضد تنظيم “داعش” عبر الوسائل العسكرية وحدها لن تكون كافية لدحره، ما لم تقترن برؤية اكثر شمولا تتصل بمستقبل الحل السياسي في سوريا، اسوة بالرؤية السياسية لمستقبل الحل السياسي في العراق. فالحرب على “داعش” في سوريا لا تقل اهمية عنها في العراق، بل ان انقرة ترى ان الثقل الاساسي في الحرب سوف يتركز في سوريا، باعتبار انها مركز القرار في التنظيم، وانه يستفيد من الحرب بين النظام وفصائل المعارضة السورية الاصلية، ومن مساحة واسعة من التقاء المصالح بينه وبين النظام من اجل احكام سيطرته على مناطق واسعة من الشمال والشرق السوريين. أكثر من ذلك، تعتقد انقرة بلسان كبار مسؤوليها من الرئيس رجب طيب اردوغان الى رئيس الوزراء احمد داود اوغلو ان لا حل لازمة “داعش” في سوريا ما لم تتم معالجة الازمة السورية بالعمل على ازاحة نظام بشار الاسد. وقد كان أساس التحفظ التركي الذي بدا حيال المشاركة الميدانية في التحالف الدولي لمحاربة “داعش” ان لدى تركيا وجهة نظر في الامر ولا يمكنها ان تقدم “هدايا” مجانية لاي جهة تأتي على حساب مصالحها وامنها القومي مباشرة. وكان لكلام اردوغان البارحة في جلسة افتتاح البرلمان التركي “رائحة” الشروط التي تقدم بها مباشرة الى الرئيس الاميركي باراك اوباما في لقائهما الاخير في الولايات المتحدة، اذ قال: “نحن منفتحون ومستعدون لأي تعاون في محاربة الارهاب. لكن يجب أن يفهم الجميع أن تركيا ليست دولة تسعى لحلول موقتة ولن تسمح للآخرين باستغلالها.” وقد سبق ان لخص اردوغان الرؤية التركية بالنسبة الى الحرب على “داعش”، طارحا ثلاث خطوات متلازمة: اقامة منطقة عازلة داخل الحدود السورية، تكون محظورة على الطيران الحربي، وتسليح المعارضة المعتدلة السورية وازاحة نظام بشار الاسد عبر العودة الى مندرجات وثيقة “جنيف – 2” التي تنص على تشكيل حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات.
في كلمة اردوغان البارحة، التي اتت على وقع سخونة الموقف الميداني في مدينة عين العرب كوباني (ذات الغالبية الكردية على الحدود مع تركيا)، كان واضحا ان تحريك الدبابات التركية قبالة الحدود شكل خطوة اضافية من جانب تركيا للتأكيد أنها جاهزة للتدخل، ولكن ليس بأي ثمن. ومن هنا الانتظار الثقيل الذي يلف الموقف. فانقرة في انتظار رد التحالف الدولي ولا سيما الاميركيين والحلفاء العرب، وفي مقدمهم السعودية، على المقترحات – الشروط من اجل الدخول على الخط لتغيير موازين القوى في شكل جذري. وثمة معلومات من انقرة تفيد ان الرد سيأتي في الساعات القليلة المقبلة، فيما توشك عين العرب على السقوط بيد “داعش”. والسؤال : هل يأتي الرد الايجابي قبل سقوط عين العرب ام بعده؟ هذا دون إغفال احتمال قائم، أن يكون الرد سلبيا لتزداد الامور تعقيدا في الميدان السوري.