IMLebanon

مصير «لوزان» أمام اختبار رفع العقوبات

تأرجُح بين تفاؤل وتشاؤم، ترَك الصحافيين المشاركين في تغطية محادثات الملف النووي الإيراني في مدينة لوزان في حيرة من أمرهم، وبعد تصريحات بالغت في الإيجابية منذ بداية هذه الجولة التي تنتهي الجمعة، عادَ الترقّب ليغلّف أجواء المفاوضات بعد وقوفها عند الشق السياسي، وهو الأكثر تعقيداً.

تصريحات وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف التي وعدت بـ»الحصول على شيء أخيراً» بدَت أمس أكثر واقعية، إذ عاد للقول إنّ «العمل قائم على تقلیل المسافات وتقریب المواقف، وما زالت هناك بعض القضایا التي تحتاج الی مزید من التفهّم، وقد طُرحت حلول جیدة لبعض القضایا.

بلغنا مرحلة التفاصیل الدقیقة وسنواصل المباحثات الیوم وغداً، ولا بد أنّ تَوافُر الارادة السیاسیة اللازمة لدی الجانب الآخر سيدفع المباحثات الی الأمام». وفي حين أشارت التسريبات الصادرة عن الطرفين الى أنّ العقبات التقنية باتت شِبه منجزة، ظلّ الشق السياسي المتعلّق برَفع الحظر عن إيران من مجلس الأمن الدولي تحديداً، والذي بات العقدة الأخيرة التي تفصل طهران عن توقيع اتفاق تاريخي يخرجها من عزلة دولية دامت أكثر من عشر سنوات، كان أقساها منذ العام 2010.

التوجّه العام لمسار المباحثات والمواقف يشير الى أنّ رفع الحظر عن طهران بات مقبولاً دولياً، والعمل قائم الآن على البحث في أيّ من العقوبات ستُرفع أولاً، والأهمّ على توليف ديباجة مناسبة توفّق بين حق ايران في الإبقاء على برنامج نووي سلمي وسبل ضمان سلمية هذا البرنامج، مع الأخذ في الحسبان أنّ الغرب لا يثق بالتزام ايران سلمية برنامجها ولا يملك وسيلة للتحقق من هذه المسألة في حال تحرّرت من عقوباتها. ولذا، يفضّل الابقاء على هذه العقوبات لمرحلة لاحقة غير محدّدة زمنياً بعد توقيع الاتفاق، واذا التزمت ايران ما تمّ الاتفاق عليه، تُرفع العقوبات تدريجاً.

الطرف الايراني يرفض قطعياً هذا الطرح لأنه يضع مستقبل العقوبات تحت مزاجية الدول الكبرى، لأنّ العقوبات المفروضة من مجلس الامن الدولي وَردَ آخرها تحت البند السابع، ما يُلزم كلّ الدول عدم التبادل التجاري مع ايران حتى ولو رفعت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي، الحَظر، وهذا أمر غير وارد لأنّ واشنطن واوروبا لن تكونا قادرتين على تجاوز قانون دولي صادر عن مجلس الامن أو خرقه والتفرّد برفع الحظر من قبلها.

وعلمت «الجمهورية»، من مصادر متابعة في لوزان، أنّ الوفد الايراني المفاوض اقترح تحديد مهلة أقصاها ستة أشهر لرَفع العقوبات عن طهران بعد توقيع الاتفاق، لكنّ الرد الأميركي على هذا الاقتراح ظلّ مُحاطاً بسرية تامة.

وأمام هذا المأزق الذي يقف أمام إتمام الصفقة، أشارت مصادر اميركية متابعة لـ«الجمهورية» الى أنّ البيت الأبيض والكونغرس الاميركي ضاقا ذرعاً بهذا الملف وبدأ صبرهما ينفد ولن يتمّ تمديد الوقت «في حال لم يكن الايرانيون جاهزين للتوقيع، وفي حال عدم الاتفاق».

ورأت هذه المصادر أنّ الكونغرس يتّجه إلى فرض مزيد من العقوبات «وهو أمر يرونه ضرورياً في حال عدم التوصّل الى اتفاق»، وبذلك يضاف الى القرارات الدولية الستة بحقّ ايران قرار إضافي وربما أكثر.

في المبنى المحاذي لفندق الـ«بوريفاج» حيث تعقد جلسات المفاوضات المطوّلة، استقرّ الصحافيون في قاعة كبيرة تابعة للمتحف الاولمبي على بحيرة ليمان. الشمس الساطعة في سماء لوزان أمس حَفّزت معظمهم للانتقال الى رصيف البحيرة لنَقل تفاصيل آخر أيام المفاوضات النووية التي يُجمعون تقريباً على حسن خاتمتها، على رغم ما صرّح به مسؤول فرنسي بارز للصحافيين من أنّ «الايرانيين يبالغون في التصريحات والتفاؤل، وما زلنا على مسافة بعيدة جداً من الاتفاق».