Site icon IMLebanon

رسم الـ2% يترنّح: الصناعيون تخلّوا عنه والتجار نبذوه

 

أصبح اقتراح الـ2% في المئة على المستوردات يتيماً، لا يجد من يدافع عنه، بما سهّل سقوطه في لجنة المال والموازنة. وقد تخلّى عنه الصناعيون بعدما تبيّن لهم ان لا نية لتحويل قسم من الإيرادات التي يؤمّنها هذا الرسم لدعم القطاع الصناعي. كذلك نبذه التجار لأنّه سيرفع اسعار السلع بما يتراوح بين 3 و4 في المئة، وهو بمثابة ضريبة على الناس.

 

شكّلت المادة 63 من مشروع قانون موازنة 2019 والمرتبطة برسم 2% على البضائع المستوردة، المادة الاساسية في النقاشات التي دارت امس بين وزير الصناعة وائل ابو فاعور والصناعيين، اثناء لقائه بهم في جمعية الصناعيين.

وشرحت مصادر متابعة للملف لـ«الجمهورية»، «انه بعدما كان هذا البند موضوعاً من أجل دعم القطاعات المنتجة وتشجيع الاستثمار في القطاع الصناعي، أُفرغ من مضمونه وبات شبيهاً بزيادة الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 2% على كل الواردات، من دون ان تُخصّص نسبة منه لدعم القطاعات الصناعية والصادرات، وبالتالي حُمّل الصناعيون تبعات قرار هم برّاء منهم، لأنّه لن يفيدهم بشيء اي لن يكون لهم اي مردود منه، وتحوّل الى قرار كسائر القرارات، الهدف منه فقط تأمين إيرادات للخزينة لسد العجز. لذا تداعى امس الاول النواب الصناعيون والصناعيون الى لقاء مع وزير الصناعة لمناقشة هذا التوجّه وقرّروا في نهاية المباحثات عدم الاستماته للدفاع عن هذا القرار وعدم تحميل تبعاته للصناعيين، بل طالبوا برفع الرسوم على الواردات التي لها مثيل في لبنان وتنافس الصناعة المحلية، على انّ الرسم اذا فُرض لن يؤثر على الحاجات الاستهلاكية للطبقة الفقيرة».

 

ضاهر

من جهته، أوضح النائب ميشال ضاهر، والذي يشارك في جلسات مناقشة مشروع قانون موازنة 2019 انّه «في البدء طُرح فرض رسم 3% على كل المستوردات اللبنانية، والتي تُقدّر بنحو 20 مليار دولار لتؤمّن مدخولاً بنحو 300 مليون دولار سنوياً تُستخدم من أجل دعم الصادرات الصناعية، بحيث كل صناعي يريد ان يصدّر انتاجه يحظى بدعم نسبته 10 في المئة من الدولة. وكان يُتوقع من هذه الخطوة ان ترفع الصادرات الصناعية 3 مليارات دولار، وتخفّف من العجز في الميزان التجاري وميزان المدفوعات وفي الوقت عينه تتحرّك الصناعة المحلية. إلّا انّ هذا الرسم خُفّض في ما بعد الى 2% ووضع على المستوردات باستثناء المواد الاولية، وهنا وقعنا في مشكلة توصيف المواد الاولية او المواد الخام من جهة، ولاقت رفضاً من الاحزاب، التي اعتبرت الرسم غير عادل من جهة أخرى. أضف الى ذلك اننا كصناعيين بتنا مجبورين على تحمّل مسؤولية هذا الرسم والعبء الناتج منه، في حين لم نعد كصناعيين مستفيدين منه».

 

وقال ضاهر: «نتيجة هذه المعادلة، طرحنا في جلسة لجنة المال مساء اول من امس الآتي: انّ الدولة تهدف الى إدخال نحو 400 مليار ليرة عائدات سنوياً من هذه النسبة، على ان تُدخل نحو 174.5 مليارا خلال السته الاشهر المتبقية من هذا العام كعائدات من هذا الرسم».

 

لكن ضاهر اقترح تغيير النص مع المحافظة على روحيته بشكل يؤمّن العائدات التي تريدها الدولة من هذا الرسم، فاقترح رفع الرسم الى 10 في المئة على استيراد البضائع التي ننتج منها في لبنان، اي بمعنى آخر بدل فرض رسم 2% على 20 ملياراً حجم المستوردات ككل فلتضع الدولة رسم 10 في المئة على 4 مليارات دولار بضائع يتم استيرادها من الخارج، وهناك مثيل لها في لبنان، منها على سبيل المثال، بعض المنتجات الزراعية، بعض المواد الغذائية مثل: الويفر، البسكويت، السكر، رقائق الذرة، الحليب… وهي في غالبيتها مواد لا تطالها الضريبة على القيمة المضافة. بهذه الطريقة لا نضرّ الطبقة الفقيرة، لأنّها ستواصل شراء المنتجات الاستهلاكية الاساسية ذات الانتاج المحلي (مثل الحمص، الطحينة، السكر، الملح، الطحين…) بنفس الاسعار، ومن يريد صناعة اجنبية لها مثيل في لبنان سيشتري بسعر أغلى. بهذه الطريقة تؤمّن الحماية للصناعة، ومدخولاً للخزينة، ونكون تجنبنا اي عبء جديد على الفقير.

 

ولفت ضاهر، الى انّه «لتأمين 350 مليارا عائدات للخزينة من هذا الرسم، فإنّ فرض نسبة 7% على المستوردات التي لها مثيل في لبنان تكفي لتأمين هذا المبلغ، لكننا اقترحنا على الدولة ان تؤمّن واردات أكثر، فلتفرض نسبة 10%».

 

وأكّد ضاهر، انّ من شأن هذه الخطوة ان تقطع الطريق على الاحتكار وارتفاع اسعار المنتجات المحلية، وان تشرّع المنافسة في السوق المحلية وتدفع الى تكبير الاستثمارات في القطاع. كما انّ زيادة حجم الانتاج لتلبية حاجة السوق سيخفف الأعباء والكلفة، وستتراجع اسعار المنتجات المحلية وستساعد الصناعيين على التصدير.

 

فهد

رأي التجار عبّر عنه نائب رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان، نقيب اصحاب السوبرماركت نبيل فهد، الذي اعتبر انّ رسم 2% على المستوردات هو ضريبة مماثلة لضريبة TVA لأنّها ستطاول كافة فئات الشعب باستهلاكهم اليومي، حتى انّ تأثيرها سيكون أكثر من تأثير الـ TVA لأنّها ستشمل كل شيء، فيما الضريبة على القيمة المضافة لا تطال المواد الاساسية، ما يعني انّ هذا الرسم سيسحب من جيوب اللبنانيين ما بين 400 الى 500 مليار ليرة ليضعها في الخزينة لسد العجز. ومن النتائج المرتقبة لهذه الخطوة، التضخم، وبالتالي انّ كل شيء سيرتفع سعره، وبعملية حسابية صغيرة سيزيد سعر كل سلعة ما بين 3 الى 4%».

 

ولفت فهد، الى انّ «غرفة التجارة يهمّها حماية الصناعة الوطنية، انما بطريقة فعّالة وذكية. ففي بعض الحالات، هناك مصنع واحد في لبنان لا يمكن ان تعطى له الحماية لأنّها ستؤمّن له الاحتكار، واخلالاً بالنوعية وعدم وجود منافسة بالسوق، وبالتالي سيدفع المستهلك ثمن هذا القرار، بعدم توفّر نوعية مماثلة لتلك التي اعتاد عليها او كان يستعملها. في هذه الحالة يجب الا يكون هناك حماية، فيما في حال كان هناك مجموعة مصادر تنتج سلعة معينة، عندها تكون الحماية فعّالة ومنطقية ولا تضرّ بالمستهلك».

 

وعن رأيه باقتراح فرض رسم 10% على سلع تُنتج في لبنان قال: «اذا كانت هذه السلع ذات نوعية جيدة لا شك انّ هذا التدبير سيوفر لها الحماية وينعشها. لكننا نرفض تأمين الحماية لسلع ينتجها مصنع او اثنان».

 

وعن تأثير فرض رسم استيراد على الكماليات وليس السلة الاستهلاكية، قال: «نخشى من ان يؤدي هذا القرار الى زيادة التهريب. على سبيل المثال، التهريب ناشط على الالكترونيات قبل ان تكون الضريبة مرتفعة على استيرادها، فكيف اذا زاد الرسم، هذا ما نخشاه. لذا نطالب بتفعيل مكافحة التهريب عبر المعابر غير الشرعية».