الحكومة الإنقاذية على محك الحلول الجزئية.. وماذا عن استعادة الثقة العربية وخطة التعافي المالي؟
كلما نشأت أزمة في البلد على خلفية اجتماعية أو اقتصادية أو قضائية، كلما استسهلت الحكومة معالجتها بما يعرف بالحل الجزئي سواء من خلال لجنة وزارية أو تكليف وزير أو غير ذلك، ومن قال أن الازمات تنتهي في البلد. ومن قال أن القرارات التي تصدر عن اجتماعات مجلس الوزراء قادرة على ضبط الأمور، حتى وإن اعتبرها البعض أفضل الممكن. كالعادة تعقد جلسات الحكومة مداورة بين القصر الجمهوري والسراي الحكومي، وغالبية بنود جدول الأعمال يتم التوافق عليها بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي. ولمن يسأل عن كيفية ترتيب البنود، فإن روتينا معينا يتحكم بذلك. وفي معظم الأحوال، لا تبدو البنود التي تدرج على جدول الأعمال تحمل الطابع الإنقاذي، ومن يدقق بعدد منها يجد الجواب. وأي طرح يحمل صفة الإنقاذ مؤجل لأسباب تتصل بالتفاهمات الكبرى أو بتوقيت محدد. سلفة من هناك وتخصيص مبالغ من هناك وتعيين متوافق عليه، مع العلم أن المساعدات الاجتماعية التي أقرت مؤخرا للقطاع العام ليست إلا « مسكنا».
قد تكون الحجة أن الحكومة راحلة مع الانتخابات، لكن ماذا عن بعض الاقتراحات التي يمكن أن تشكل نافذة حل ؟ هذه كلها معدومة وما من إشارات أن الحكومة تملك القدرة على تأسيس العمل الأنقاذي في أيامها الأخيرة.
وماذا عن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي؟ ليس واضحا بحسب مصادر سياسية مطلعة مصيره، هل ينجز قريبا ام لا، بإنتظار ما تحمله الزيارة المقبلة للوفد، وهناك سيناريوهان اولهما، إما أن تؤجل الزيارة أو أن تتم لكن لن يلمس عندها الوفد التقدم المطلوب في مجال الإصلاحات المتبقية، خصوصا ان لائحة الإصلاحات طويلة.
وتقول المصادر لصحيفة «اللواء» أن الحكومة تنفست الصعداء عندما وردت إليها مواقف إيجابية من دول الخليج وزيارة رئيس مجلس الوزراء إلى قطر تصب في إطار التحرك اللبناني في هذا الاتجاه، على ان المساعدات السعودية الفرنسية إلى لبنان تعد من المبادرات الرئيسية المتفق عليها بين فرنسا والمملكة العربية السعودية للوقوف إلى جانبه، مشيرة إلى أن المبادرة الكويتية لا تزال قائمة وتدخل في سياق التحرك المتواصل للأمين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط، موضحة أن عودة المياه إلى مجاريها في ما خص العلاقات اللبنانية الخليجية منوط بالقيام بخطوات عملانية من الجانب اللبناني.
السؤال الذي يُطرح بقوة: إلى متى ستبقى الحكومة «مهدّاية الوضع بالتي هي أحسن»؟!
وتلفت إلى أن هناك اقتراحات من بعض الوزراء حول ملف القطاع المصرفي المتعثر ومشكلة أموال المودعين من ضمن خطة التعافي المالي كالذي طرحه وزير شؤون المهجرين عصام شرف الدين في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء وينتظر ان يتم إدراج اقتراحه على جدول الأعمال مجلس الوزراء المقبل ويشير فيه إلى إمكانية دمج المصارف اللبنانية المتعثرة أو شرائها من قبل بنوك عربية أو دولية وكذلك استثمار أصول الدولة اللبنانية.
وهذان ملفان كبيران ويفتحان نقاشا طويلا وفق ما تؤكد المصادر، معلنة أنه من ضمن خطة التعافي، فأي إنقاذ للقطاع المصرفي بعد انجازا لأنه بذلك تتم المحافظة على قطاع مصرفي حيوي وأموال المودعين ومعالجة مشكلة ديون الدولة ومصرف لبنان.
وتشير إلى أن موضوع الاحتياطي الموجود لدى مصرف لبنان ليس محور تداول، على أن أي جلسة للحكومة يحضرها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة سيشير فيها إلى الواقع المالي وما هو متاح أو مسموح وما هو محظور إذا طلب منه ذلك.
وتلفت إلى انه كان يفضل أن تقتصر بنود اجتماعات الحكومة على الشق المتصل بالإحاطة بالمشكلات التي تتعاظم في لبنان عوضا عن بنود تتحمل التأجيل أو أخرى يمكن حتى إلغاؤها.
في المقابل، تفيد مصادر وزارية أن المجلس وفي كل جلسة يعطي الموافقة على ملف اجتماعي طاريء انما المسألة يجب مقاربتها من ناحية واقعية أي أنه لا بد من معرفة ما إذا كانت إمكانات الدولة تسمح بأي قرارات تحمل طابع المعالجة وتقر بأن هذه الحكومة «مهداية الوضع بالتي هي أحسن».
وترى المصادر الوزارية أنه يمكن تفهم الغضب الشعبي العارم من تدهور الوضع، وإن المساعي التي تبذل قد يراها البعض دون المستوى، إنما هي المتوفرة اليوم بإنتظار ما قد يسجل من تطور على صعيد التفاوض مع صندوق النقد كما على صعيد إعادة وصل ما انقطع مع الدول العربية، علما أن القضية الأوكرانية وتداعياتها على العالم أجمع لا تزال تتصدر المتابعة، داعية إلى ترقب مسار الجلسات المقبلة وعدم إطلاق الأحكام المسبقة.