IMLebanon

البنك الدولي: البطاقة التمويلية حلّ مرحلي بانتظار الإصلاحات الشاملة

 

تُوفّر 2.6 مليار دولار وتخفّف الضغط على ميزان المدفوعات وتصيب الفئات الأكثر حاجة

 

 

أوضحت ملاحظات “البنك الدولي” في ما خصّ ترشيد خطة الدعم، انه كلما تمّ استبدال الدعم في وقت أسرع بنظام تعويض أرخص وأكثر فعالية، كلّما كان ذلك أفضل للاقتصاد ولرفاهية الناس. وذلك لأن الدعم الحالي للعملات الأجنبية مشوّه. فهو يكلف حوالى 287 مليون دولار أميركي شهرياً ويستفيد منه في الغالب المستهلكون الأكثر ثراءً.

 

إستبدال البرنامج المعتمد ببرنامج أكثر فعالية وكفاءة لصالح الفقراء، من شأنه أن يحسّن ميزان المدفوعات، ويطيل بشكل هادف الوقت المستنفد لاحتياطيات مصرف لبنان المتبقية، ويساعد في التخفيف من التأثير على الطبقة الفقيرة والمتوسطة في لبنان. ومن الخيارات المقترحة بحسب مذكرة البنك الدولي، الانتقال نحو برنامج تحويل نقدي واسع النطاق، يبدأ العمل به قبل إلغاء الدعم الموجود. وعلى الرغم من ان إلغاء الدعم القائم سيكون موضع ترحيب، إلا أن البديل يعتبر بحسب البنك الدولي مجرد تصحيح قصير الأجل، حيث لا يمكن إلا لحزمة إصلاح شاملة تتوافق مع إطار اقتصادي كلي موثوق به، أن تمنع البلاد من نفاد احتياطياتها وتضطر إلى الدخول في حالة من الفوضى، وتعديل سعر الصرف المضطرب للغاية.

 

سيناريوات رفع الدعم

 

السؤال الذي يجب على صانعي السياسات مراعاته من وجهة نظر البنك الدولي هو: هل يمكن تنفيذ خطة تعويض أرخص وأكثر فعالية على الفور لحماية الأسر الفقيرة والضعيفة، وكسب بعض الوقت لحماية سعر الصرف الرسمي حتى يتم وضع مجموعة شاملة من الإصلاحات السياسية التي تتفق مع إدخال الاستقرار الى الاقتصاد الكلي؟

 

الاجابة على هذا السؤال تطلبت من البنك الدولي تشريح الدعم القائم ووضع سيناريوات عن انعكاس رفع الدعم على أسعار مختلف السلع والخدمات ونسب التضخم.

 

وبحسب الأرقام فان نصف تكلفة الدعم الحالي القائم على توفير مصرف لبنان 85 في المئة من الدولار على اساس سعر 1500 ليرة لاستيراد النفط والدواء والقمح يذهب إلى الطاقة. وهو دعم ذو طبيعة تنازلية، بمعنى ان الاثرياء ومن يستهلكون بكميات كبيرة يستفيدون أكثر من الدعم. فأفقر 20 في المائة من السكان يتلقون 6 في المائة فقط من الدعم، في حين أن أغنى 20 في المائة يتلقون 55 في المائة. هذا وتشجع أسعار الوقود المنخفضة الاستهلاك المفرط.

 

المشكلة ان رفع الدعم سيزيد الطلب على الدولار حتماً، مما سيؤدي إلى ارتفاع سعر صرفه مقابل الليرة والدخول في مرحلة جديدة من ارتفاع الاسعار والتضخم. وبرأي البنك الدولي فان التضخم هو ضريبة تنازلية للغاية، تؤثر بشكل غير متناسب على الفقراء والضعفاء وعلى الأشخاص الذين يعيشون على دخل ثابت، مثل أصحاب المعاشات. وينطبق هذا بشكل خاص على حالة لبنان حيث العناصر الأساسية لسلة الاستهلاك هي المحركات الأساسية للتضخم الكلي، الذي وصل إلى 136.8 في المائة في تشرين الأول من العام الحالي.

 

في المقابل فان إلغاء الدعم سينعكس على ميزان المدفوعات. حيث ان غياب تأثيرات الطلب، بسبب انخفاض الدخل وزيادة الأسعار، من شأنه أن يترك ميزان المدفوعات من دون تغيير بسبب إلغاء الدعم. لتقدير التأثير على الطلب، استخدم البنك الدولي سيناريوات المرونة. وقد أظهرت أن منتجات الطاقة والرعاية الطبية مرنة بشكل عام لمعظم البلدان، بما في ذلك لبنان؛ أي إذا انخفض دخل المستهلكين بمقدار النصف، أو إذا زادت أسعار المنتجات بنسبة 50 في المائة، فإن الطلب على هذه المنتجات ينخفض بمقدار النصف أو أكثر. وفي الوقت نفسه، فإن الطلب على المواد الغذائية غير مرن نسبياً؛ أي إذا انخفض دخل المستهلكين بمقدار النصف، أو إذا ارتفعت أسعار المنتجات بنسبة 50 في المائة، فإن الطلب على هذه المنتجات ينخفض بنسبة أقل من النصف.

 

السيناريوات الموضوعة تظهر تحسناً في ميزان المدفوعات، يتراوح من 1.7 مليار دولار أميركي إلى 3.2 مليارات. ومن الممكن ان يؤدي إلغاء الدعم إلى تمديد الفترة الزمنية حتى استنفاد احتياطيات مصرف لبنان المتبقية. وبالتالي تأخير تعديل سعر الصرف القسري وغير المنظم.

 

إلى ماذا نحتاج؟

 

تحتاج الحكومة اللبنانية بحسب “المذكرة” إلى إعطاء الأولوية لخطة إستقرار الاقتصاد الكلي الشاملة والمتسقة والموثوقة، وإلى دمج شبكات الأمان الاجتماعي في إستراتيجية استقرار الاقتصاد الكلي التي تعطي الأولوية لوقف التضخم المفرط، وانخفاض قيمة العملة وانتشار أسعار الصرف المتعددة. وستستند هذه الاستراتيجية الى:

 

– برنامج لإعادة هيكلة الديون من أجل تحقيق القدرة على تحمل الدين على المدى المتوسط والحيز المالي على المدى القصير.

 

– إعادة هيكلة شاملة للقطاع المالي من أجل استعادة الملاءة المالية للقطاع المصرفي.

 

– إطار جديد للسياسة النقدية يهدف إلى استعادة الثقة والاستقرار في سعر الصرف.

 

– تعديل مالي مرحلي يهدف إلى استعادة الثقة في السياسة المالية.

 

– الإصلاحات المعززة للنمو.

 

– تعزيز الحماية الاجتماعية.

 

حجم الدعم وكيفية توزيعه

 

وفي ما خص حجم الدعم فان اقتراح البنك الدولي يتفق مع طرح وزير الاقتصاد راوول نعمة باعطاء بطاقات تمويلية لنحو 80 في المئة من السكان. بحيث يحصل الأفراد (فوق 23) على 50 دولاراً شهرياً في السنة الاولى، و 40 دولاراً أميركياً في السنتين 2 و3، و30 دولاراً أميركياً في السنتين 4 و 5. ويحصل الأطفال على نصف هذا المبلغ، وتنخفض التغطية تدريجياً من 85% في الأشهر الستة الأولى، إلى 75% في الأشهر الستة التالية، ومن ثم تنخفض بنسبة 70%، 60%، 45% و 30% للسنوات الأربع القادمة، على التوالي.

 

يمثل هذا الطرح تعويضاً يعادل 41% من متوسط الإنفاق الاستهلاكي الشهري للأسرة اللبنانية في السنة الأولى، و 28% في السنتين 2 و3، و21% في السنتين 4 و5، مما يعكس مستوى كبيراً من الدعم للأسر المتلقية.

 

ومن بين الخيارات التي يضعها البنك الدولي هو نهج مرحلي لإلغاء الدعم: المرحلة الأولى هي إلغاء دعم العملات الأجنبية للبنود الأساسية في وزارتي الاقتصاد والتجارة والطاقة (باستثناء مؤسسة كهرباء لبنان) المقرر إجراؤها في كانون الثاني 2021. المرحلة الثانية هي إلغاء دعم الوقود لمؤسسة كهرباء لبنان جنباً إلى جنب مع إصلاح التسعيرة في مؤسسة كهرباء لبنان، الذي سيجرى في كانون الثاني 2022. المرحلة الثالثة هي إزالة الأدوية الخاضعة للتغطية الطبية الواسعة للمواطنين اللبنانيين في كانون الثاني 2023. تبلغ نفقات الميزانية 1.5 مليار دولار أميركي في السنة الأولى (تغطية 80%)، وتنخفض إلى 311 مليون دولار أميركي في السنة 5 (تغطية 30%) ؛ يعادل متوسط الإنفاق السنوي حوالى 779 مليون دولار أميركي. سيؤدي إلغاء إعانات المرحلة الأولى وإدخال تعويض التحويل النقدي على النحو الموصوف إلى تحقيق وفورات صافية بمتوسط قيمة سنوية تبلغ حوالى 2.6 مليار دولار أميركي على مدى فترة الخمس سنوات.

 

 

 

آلية الدفع

 

عند التسجيل في البرنامج، سيتمكن مقدمو الطلبات من اختيار طريقة الدفع المفضلة لديهم من بين الخيارات المتاحة حالياً في السوق اللبنانية، أي تلقي الأموال على حساب مصرفي فردي أو مشترك، حيث ان 58% من المقيمين اللبنانيين لديهم حسابات مصرفية. تلقي الاموال على بطاقة مصرفية فعلية أو افتراضية، مع امكانية سحب الأموال من أجهزة الصراف الآلي، أو إنفاقها رقمياً للمشتريات على أجهزة نقاط البيع POS. ومن الممكن إضافة طرق الدفع الأخرى، بما في ذلك عبر الهاتف المحمول، بمجرد توفرها في الأسواق.

 

من المهم ملاحظة أن آلية الدفع تعتمد على ما إذا كانت الحكومة اللبنانية تختار استخداماً مقيداً أو غير مقيد للأموال. ينطبق ما ورد أعلاه على الاستخدام غير المقيد للأموال، حيث يمكن للمستلمين إنفاق الأموال من دون أي شرط، سواء كان ذلك رقمياً أو في ملاحظات مادية. لا يمكن استخدام التحويل إلى الحسابات المصرفية كطريقة دفع في حالة تقييد استخدام الأموال