IMLebanon

الدعم مُجمّد… والبطاقة التمويلية تائهة

 

بعد البلبلة التي خلقها مصرف لبنان بسبب تعديل آلية الدعم وفرض الحصول على موافقة مسبقة للاستيراد، وهي مساعٍ مبطنة لرفع الدعم، بعدما تهرّب المسؤولون مراراً وتكراراً من اتخاذ هذا القرار، رُفع الدعم اليوم بشكل غير منظّم وعشوائي ومن دون سابق إنذار وتصوّر.

 

في هذا الوضع، وجد المستوردون والتجار أنفسهم في مأزق بيع البضائع المستوردة المدعومة أو تخزينها الى حين تسديد مصرف لبنان قيمتها لهم، فيما قرّر جزء آخر من المستوردين سحب ملفات الدعم الخاصة بهم وبيع البضائع والسلع بسعر غير مدعوم، نتيجة عدم امكانية تخزينها لفترة أطول بسبب تاريخ صلاحيتها.

 

ومن الفوضى التي خلقها وقف استقبال طلبات الدعم وشرط الحصول على موافقة مسبقة، إحتجاز شحنات من الادوية المستوردة في المطار لأنّها لم تحصل على موافقة مسبقة للاستيراد المدعوم، رغم انّه تمّ استيرادها قبل تعديل آلية الدعم، ولم يعد المستوردون قادرين على استلامها، لأنّهم لم يحصلوا على التواقيع المطلوبة من وزارة الصحة ومصرف لبنان، كما انّهم في المقابل عاجزون عن سحب ملفاتهم للدعم على غرار مستوردي المواد الغذائية، لأنّهم غير قادرين على بيعها بسعر غير مدعوم كون اسعار الادوية محدّدة من قِبل وزارة الصحة ولا يمكن ان يتحكّم بها التاجر.

 

وسط حالة الرفع القسري للدعم عن مختلف السلع والمواد الحيوية، وقّع وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني امس مشروع قانون معجلاً معدّاً من قِبل رئاسة الحكومة، يرمي إلى إقرار البطاقة التمويلية وفتح إعتماد إضافي استثنائي لتمويلها.

 

إلّا أنّ الغموض ما زال يكتنف الآلية التي سيتمّ اعتمادها لإصدار تلك البطاقات، والأهم من ذلك مصدر التمويل وقيمته، وهو ما لم تعلن عنه رئاسة الحكومة ولا وزير المالية الذي وقّع القرار لفتح اعتماد من دون تحديد قيمة الاعتماد المطلوب.

 

وفي حال قرّرت حكومة تصريف الاعمال تمويل كلفة تلك البطاقات عبر طباعة المزيد من العملة، فإنّ فعاليتها ستنتفي مع الارتفاع الاضافي في نسبة التضخم، نتيجة ضخ المزيد من السيولة النقدية بالليرة في السوق. اما في حال كان مصدر التمويل بالعملة الاجنبية، فإنّ اموال الاحتياطي الالزامي هي المخرج الوحيد.

 

في هذا السياق، وصف النائب ياسين جابر ما يحصل اليوم بـ «لعبة كرة قدم، حيث يتقاذف كل طرف الكرة في ملعب الآخر، نتيجة الفشل الحاصل في ادارة شؤون البلاد التي تسير نحو الانهيار الشامل».

 

واشار جابر لـ»الجمهورية»، الى انّ أي مشروع جدّي يجب ان يكون مصدر تمويله مؤمّناً مسبقاً ومحددة قيمته وكيفية توزيعه ضمن خطة واضحة، مشدّداً على انّ معالجة الأزمة لا تكون مجتزأة على هذا النحو بل شاملة، لافتاً الى انّها خطوة تضخمية لن تعالج الأزمة بالشكل المطلوب «رغم اننا بحاجة الى برنامج اجتماعي وشبكة أمان اجتماعية».

 

وسأل جابر: «أين أصبح قرض البنك الدولي في هذا الاطار؟ هل سيكون مصيره مماثلاً لقوانين قروض عدّة أقرّها مجلس النواب ولم تُطبّق؟»، مذكّراً في هذا الاطار، بقانون إبرام اتفاقية قرض مع البنك الدولي بقيمة 290 مليون دولار لتطوير النقل العام والذي لم يُطبّق بعد، بالاضافة الى 3 اتفاقيات قروض تمّ توقيعها مع الوكالة الفرنسية للتنمية AFD، ليتبيّن لاحقاً انّه تمّ إلغاء واحدة منها.

 

في هذا الاطار، بحث وزير المال في حكومة تصريف الأعمال مع وفد من البنك الدولي برئاسة مدير دائرة المشرق في البنك الدولي ساروج كومار جاه، في المشاريع المموّلة من البنك.

 

وبعد الاجتماع، قال كومار جاه: «تناقشنا في برامج البنك الدولي في لبنان وعددها كبير. كما بحثنا في سبل البدء في تنفيذ مشروع «شبكة الأمان الاجتماعي لأزمة الطوارئ» الذي ستستفيد منه 200 ألف أسرة تعاني حالة فقر مدقع في لبنان. وطلبنا من وزير المال أن يعمل مع الجهات الحكومية المختلفة للمساعدة في البدء بتفيذه فوراً». وأشار إلى «ضرورة التحرّك بشكل سريع، نظراً إلى حاجة المواطنين إلى مساعدة ملحّة».

 

الجدير ذكره، انّ مجلس النواب أقرّ في آذار الماضي مشروع القانون الرامي إلى طلب الموافقة على إبرام اتفاقية قرض بين الجمهورية اللبنانية والبنك الدولي للإنشاء والتعمير لتنفيذ المشروع الطارئ لدعم شبكة الامان الاجتماعي للاستجابة لجائحة كوفيد- 19 والأزمة الاقتصادية، بقيمة 246 مليون دولار، على ان تستفيد منه 147 ألف أسرة لبنانية ترزح تحت خط الفقر المدقع (ما يقارب الـ 786 ألف فرد) لمدة عام واحد. وكانت وزارة الشؤون الاجتماعية قدّرت الفترة الزمنية المتوقعة لبدء الاستفادة من اموال القرض بحوالى 3 الى 4 أشهر من تاريخ اقراره في مجلس النواب، حيث يتمّ تحويل الاموال بعد إقرار القانون، الى مصرف لبنان، علماً انّ القرض سيُحوّل على دفعات وتباعاً الى حسابات البنك المركزي وليس كاملاً، ليُصار الى التدقيق به من قِبل ديوان المحاسبة.