IMLebanon

الحكومة الباسيلية الأولى؟!

 

 

 

أشعل كلام «صهر الجمهورية» و«وسيطها» فتيل الخلاف مجدّداً بين تيار «المستقبل» والتيار «الوطني الحر»، عندما لوّح في ذكرى ١٤ آذار، بإسقاط الحكومة في سياق الحديث عن الملفات الخلافية المطروحة عليها، إذ قال: «أو عودة النازحين أو الحكومة؛ أو نطرد الفساد عن طاولة مجلس الوزراء أو لا حكومة؛ إما عجز الكهرباء صفر، أو حكومة صفر ولا حكومة». هي جملة واحدة هدّد فيها الوزير باسيل بإسقاط الحكومة ثلاث مرّات في ثلاث ملفات حسّاسة وخلافية وفي ظل غياب الحد الأدنى من التوافق السياسي.

خطاب الوزير باسيل الشعبوي والاستعلائي رسالة واضحة وجّهها الى الرئيس الحريري فحواها أنّ «إسقاط الحكومة بيدي، فانا أمتلك ما يزيد عن ثلثها المعطّل.. إما أن تسير الحكومة وفقاً لرؤيتي وحلفائي، وإلا تطييرها!». وينطلق الوزير باسيل في تهديده من قدرته وحلفائه على تشكيل حكومة من اللون الواحد إذا سقطت هذه الحكومة، في مقابل عجز الرئيس الحريري وحلفاؤه عن ذلك أو بالحد الأدنى تعطيل حكومة اللون الواحد.

وهذا الواقع الشائك هو نتاج التسوية الرئاسية التي صنعت قانوناً انتخابياً سار الرئيس الحريري به مرتكزاً على التسوية وصداقته المُستجدّة مع الوزير باسيل. وبدوره أفضى القانون الهجين والانتخابات النيابية التي جرت على أساسه الى الواقع النيابي والسياسي الراهن، ففي حين قدّم الرئيس الحريري كل التضحيات اللازمة لإنجاح التسوية، لم يلاقه «صديقه» الوزير باسيل في منتصف الطريق ولم يعامله بالمثل. فكانت النتيجة ان حصد الوزير باسيل وحلفاؤه الأكثرية في مجلس النواب وأكثر من ثلث مجلس الوزراء.

والواقع ايضاً ان التهديدات الباسيلية بطرح استقالة الحكومة ستدفع المشاركين في الحكومة للاضطرار الى تسييرها وفقاً لرؤية الوزير باسيل إن كانوا يريدون استمرارها والحفاظ على موقع رئاستها لشاغله، وإلا لا حكومة. وهنا ينطبق المثل القائل من يزرع الشوك، ولو بغير قصد او عن غير دراية، سيجني الجراح لا محالة.

ولا شك في ان التناقض الواضح بين الرئيس الحريري والوزير باسيل في الملفات الاستراتيجية هو أحد عوامل هذه المواجهة التي اصابت بشظاياها العلاقة بين طرفي التسوية السياسية وطرحت أسئلة حول مدى صمودها واستمرارها، إلا أن سقوط التسوية او ديمومتها بات امراً مرهوناً بخيار الرئيس الحريري الذي سيركز بين اختيارين احلاهما مرٌّ. الأوّل هو التنازل مجدداً ليحافظ على الحكومة ورئاستها، علماً بأنّ ذلك قد يُخسره كثيراً أمام جمهوره وفي علاقته مع حلفائه ومع الدول الخليجية، وايضاً امام المجتمع الدولي. أمّا الثاني، فهو المواجهة وإعادة رصّ الصفوف مع الحلفاء، ولكن هذا الخيار سيعرّض الحكومة للسقوط ويُدخل البلد في دوامة تأليف حكومة جديدة لن تكون ولادتها سهلة.

ما بين قرار التنازل أو المواجهة أيام قليلة وأثمان باهظة ستُدفع.. ولعلّ «المؤمن لا يُلدغ من الجُّحر مرّتين» مستقبلاً!