IMLebanon

المربَّع الأول

الآمال التي علّقها البعض، في أعقاب تسرّب خبر اللقاء الباريسي بين زعيم تيّار المستقبل الرئيس سعد الحريري وزعيم تيّار المردة سليمان فرنجية، على فتح أبواب قصر بعبدا لنائب زغرتا، أخذت في الأسبوع الرابع من انطلاقتها بالتلاشي حتى لا نقول تبدّدت، وعاد الاستحقاق الرئاسي إلى المربّع الأول وحتى إلى ما قبله، بعدما أصبح مرشّح المستقبل خارج حسابات حلفائه الأساسيين وتحديداً أكثر خارج حسابات حزب الله الذي لا يزال هو اللاعب الأساسي على الساحة الداخلية والمالك لمفاتيح أبواب قصر بعبدا وعدم فتحها إلا أمام مرشحه الرسمي والمعلن رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون، حتى ولو كان البديل المقترح النائب سليمان فرنجية أحد أبرز صقور الثامن من آذار ومن أشد المتحمسين لمشروع حزب الله الداخلي والإقليمي.

ويشكّل التزام الحزب بالصمت حيال اقتراح الرئيس الحريري، تقديم فرنجية كمرشح تسوية أوضح تعبير عن رفضه السير في هذه التسوية حتى وإن كانت جدّية رغم قناعته بأنها لا تعدو كونها مجرّد مناورة ذكيّة من أجل دق إسفين بين مكوّنات الثامن من آذار.

وليس أدلّ على ذلك سوى انكفاء الحليف الأبرز للحزب، الرئيس نبيه برّي بعد حماسه غير المسبوق للمبادرة الحريرية والتلميح الواضح الذي أتى من رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط بأنه لن يُشارك في جلسة انتخاب رئيس التسوية إذا لم يُشارك حزب الله، وهذان الموقفان من قِبَل أبرز المرحّبين والمؤيّدين لترشيح فرنجية كافيان لتراجع حظوظه في الوصول إلى قصر بعبدا على حصان التسوية المقترحة من رئيس تيّار المستقبل، هذا فضلاً عن مواقف حزب الله، والتيار الوطني الحر والثنائي المسيحي القوات اللبنانية والكتائب التي رغم كل ما يُقال عن موقفه النهائي من التسوية المطروحة لن يغرّد وحده خارج السرب المسيحي.

ولعلّ هذه التطورات مجتمعة جعلت رئيس تيّار المستقبل يتريّث في العودة إلى لبنان ليُعلن رسمياً من بيت الوسط ترشيحه لرئيس تيّار المردة لرئاسة الجمهورية، مكتفياً بما حققته مبادرته من تحريك للمياه الراكدة ودفع كل الأطراف للبحث الجدّي في ما بينها بهدف إنجاز هذا الاستحقاق الذي بات استمراره يدفع البلاد إلى قلب العاصفة، وهذا ما تحقق حتى الآن وإن لم تكن النتائج بحجم التوقعات بسبب دخول عدّة عوامل إقليمية على الخط ومنها العامل الإيراني الذي تدلّ مواقفه أنه لا يزال يربط لبنان بما يحصل في المنطقة، ولا سيما بالوضع السوري، ويرفض بالتالي الإفراج عن ورقة الانتخابات الرئاسية التي يُمسك بها حزب الله.