بعد اقفالها 12 يوماً على التوالي، استأنفت المصارف عملها أمس في أجواء هادئة نسبياً، لم تشهد حالة هلع في صفوف المودعين، رغم انّها لم تخلو من طلبات لتحويل ودائع الى الخارج أو لتحويلها الى الدولار.
«نظراً الى الاوضاع المالية والاقتصادية الراهنة التي تمرّ بها البلاد والتي لا تشجّع في الوقت الحاضر على المزيد من الاستثمارات، وخشية تدهور الامور الى الاسوأ في حال بقيت الاوضاع على حالها، قرّرت ادارة المصرف تعليق كافة التسهيلات المصرفية الممنوحة الى زبائنها حتى اشعار آخر. انّ هذا التدبير مؤقت ويبقى ساري المفعول لحين تحسّن الوضع الاقتصادي والمالي في البلاد».
بهذا التعميم، استأنفت المصارف أمس، استقبال عملائها للمرة الأولى بعد أسبوعين من الاقفال التام، حيث وقف الزبائن خارج فروع بعض المصارف خصوصاً في بيروت، في طوابير لا تتعدّى 15 الى 20 شخصاً بانتظار فتح الأبواب، في حين لم تشهد الفروع في مناطق أخرى زحمة هائلة تشير الى حالة هلع كما كان متوقعاً، ولوحظ تواجد لعدد من العناصر الأمنية أمام بعض المصارف.
ووصف مدراء بعض المصارف أجواء أول يوم عمل بالهادئة، حيث لم تشهد أي حالات هلع في صفوف الزبائن.
وفيما سبق لمصرف لبنان ان اكّد انّه لن يتم فرض قيود على حركة رأس المال Capital Control حين تستأنف المصارف عملها لعدم عرقلة تدفقات العملة والاستثمار التي يحتاجها لبنان على نحو ملحّ لتجاوز أزمته الاقتصادية، يبدو انّ سلامة ترك للمصارف حرّية الحركة في شأن السياسات الفردية التي قد تزيد صعوبة نقل الأموال إلى الخارج أو تحويلها إلى عملة أجنبية، من خلال حوافز جديدة (أسعار فائدة أفضل وآجال استحقاق مختلفة) قد تعرضها المصارف على عملائها.
وفي أطار الحدّ من نزوح الاموال الى الخارج، شدّدت المصارف سياسة التقنين في التحويلات الى الخارج عبر الغاء بعضها التسهيلات المصرفية الممنوحة الى زبائنها بالكامل. في حين عمد البعض الآخر الى تقليص تلك التسهيلات بشكل كبير، مع الاشارة الى انّ تلك التسهيلات تخوّل الشركات والمؤسسات فتح الاعتمادات من اجل الاستيراد. وعملت المصارف على حصر التحويلات إلى الخارج بأمور بسيطة كتسديد القروض والمصاريف الطبية ودعم الأُسر، علماً انها تتشدّد أيضا في هذا الاطار، عبر طلبها مستندات تؤكّد الهدف من التحويل الى الخارج.
وأكّدت مصادر مصرفية لـ«الجمهورية»، انّ التدابير الاخرى التي اتخذتها المصارف بالاضافة الى الغاء كافة التسهيلات الممنوحة للزبائن، وقف التسهيلات القديمة Overdraft حتى لو لم يتمّ استخدام كامل المبلغ، رفض التحويل الى الخارج وتحرير شيكات مصرفية مسحوبة من مصرف لبنان للمودعين الذين طلبوا تحويل اموالهم الى الخارج. وبالنسبة للعمليات التي تتمّ عبر الصناديق، فانّ بعض المصارف وضع سقفاً للسحب النقدي بالدولار عند 1000 دولار، مع الاشارة الى انّ الموظفين يحاولون أوّلا اقناع المودعين السحب بالليرة اللبنانية. بالاضافة الى ذلك، تمّ وضع سقف لعمليات التحويل من الليرة الى الدولار لا يتعدّى الـ500 دولار، في حين لا تزال أجهزة الصراف الآلي خالية من الدولارات.
واوضح المصدر المصرفي انّ الاجراءات الجديدة التي اتخذتها المصارف امس، قد تعود عنها تدريجاً في الاسبوع المقبل، لأنّها كانت بمثابة تدابير احتياطية لاستيعاب امكانية حدوث حالات هلع وسحوبات غير اعتيادية، «ونظراً لانّ الاجواء كانت هادئة امس، فانّ بعض التدابير قد يتمّ العدول عنها».
السوق الموازية
في المقابل، أدّى فتح المصارف واستئنافها العمل، الى ارتفاع سعر صرف الليرة مقابل الدولار أمس في السوق الموازية التي نشأت في الأشهر القليلة الماضية. وارتفعت الليرة في سوق الصيرفة امس الى 1700 ليرة مقارنة مع 1800 ليرة يوم الثلثاء، حين استقال سعد الحريري من رئاسة الوزراء.
صفير
في هذا الاطار، أشاد رئيس جمعية المصارف سليم صفير في تصريح امس، «بوعي الشعب اللبناني وتحليه بالمسؤولية، هذا الوعي الذي تجلّى اليوم (امس) مجدداً بعد ان فتحت المصارف ابوابها للعمل بشكل طبيعي وكيفية تعاطي المواطنين بشكل حضاري في هذه الظروف».
ولدى سؤاله عن الخطوات التي تتخذها البنوك، لم يصفها صفير بالقيود «لكنها جهود من البنوك لاستيعاب جميع العملاء، مع الأخذ في الحسبان الضغط الناجم عن الإغلاق لأسبوعين».
وقال لـ«رويترز»: «نحن على استعداد لتعديل أي إجراء تمّ اتخاذه فور عودة الوضع في البلاد إلى طبيعته». وحيّا صفير المواطنين «لادراكهم المسؤولية الوطنية وضرورة الحفاظ على مصالح الناس»، مؤكّداً «انّ المصارف تتابع متطلبات وحاجات المواطنين ومستعدة لاتخاذ الاجراءات الضرورية للحفاظ على سير العمل بشكل طبيعي».
وتمنّى على المواطنين «عدم الأخذ بالشائعات وتقصّي الحقائق من المصارف مباشرة او من الجمعية».
اقتحام جمعية المصارف
الى ذلك، أقدم عدد من الشبان صباح امس على اقتحام مبنى جمعية المصارف في منطقة الجميزة، وقد دخلوا اليه وأقفلوا أبوابه، ورموا المفتاح. وحضرت قوّة من الامن الداخلي الى المبنى وعملت على فتح الباب، وإحتجاز الشبان.