وصف المصرفيون أداء سوق القطع امس، بـ«المشجّع» في ظلّ غياب عمليات تحويل استثنائية من الليرة الى الدولار، او تحويلات الى خارج لبنان، مما يُظهر نسبة وعي عالية لدى المواطنين تجاه الأزمات السياسية.
في أول يوم عمل للقطاع المالي والمصرفي اللبناني بعد الاستقالة المفاجئة لرئيس الوزراء سعد الحريري، بدأت تداعيات الأزمة السياسية الجديدة في الظهور، حيث تراجعت السندات الدولارية اللبنانية (اليوروبوند) يوم أمس، وقفزت تكلفة التأمين على ديون البلاد.
وتراجعت السندات اللبنانية استحقاق 2022 بواقع 2.750 سنت ليجري تداولها عند 96.950 سنتا مسجلة أدنى مستوياتها منذ بداية العام، وفقا لبيانات «تومسون رويترز».
كذلك بلغت تكلفة التأمين على الديون اللبنانية أعلى مستوياتها منذ أوائل كانون الثاني، حيث ارتفعت عقود مبادلة مخاطر الائتمان لأجل خمس سنوات بواقع عشر نقاط أساس عن إغلاق يوم الجمعة لتصل إلى 479 نقطة أساس، وفقا لما ذكرته «آي.إتش.إس ماركت».
في هذا الاطار، اوضح الخبير المصرفي جو صرّوع لـ«الجمهورية» انه بشكل عام، تؤدي أوضاع سياسية شبيهة بالأزمة المستجدة على الساحة اللبنانية اليوم، الى تراجع في المناخ الاستثماري في البلاد، مما يساهم بالاضافة الى المخاطر القائمة، الى انخفاض القيمة الشرائية لسندات اليوروبوند.
وقال: عندما تزداد المخاطر الائتمانية، ترتفع تكلفة التأمين على الديون اللبنانية، مما يؤدي أيضاً الى تراجع أسعار السندات.
واوضح ان اسعار السندات عند تاريخ استحقاقها، معروف ولن يتغيّر، وبالتالي فان التداول بها اليوم كأداة استثمارية، يؤدي الى ارتفاع الاسعار او تراجعها وفقا لعملية العرض والطلب.
وشرح صرّوع ان نسبة 10 الى 15 في المئة فقط من مخزون سندات اليوروبوند في حيازة صناديق تحوّط اجنبية، في حين ان النسبة المتبقية في حيازة لبنانيين. وبالتالي تحاول تلك الصناديق في ظروق مماثلة، التخلص من الاحتياطات ذات المخاطر العالية، «وهذا ما يحصل اليوم بالنسبة للسندات اللبنانية المملوكة من قبل جهات اجنبية، من خلال عرضها للبيع. وعندما يكون العرض اكبر من الطلب في سوق السندات، ستنخفض تلقائياً اسعار السندات».
لكنّ صرّوع رأى ان تأثير عمليات البيع محدود في الوقت الحاضر، لأن غالبية السندات تعود الى جهات لبنانية، لن تلجأ الى التخلّص منها اليوم، بدليل انها خلال أزمات أكبر من الأزمة الحالية، لم تعمد الى ذلك.
ولفت الى انه ليس بالضرورة ان يكون هناك عرض كبير للسندات لكي يتراجع سعرها، لأن سوق السندات اللبنانية محدودة ولا تتم فيها عمليات عرض كبيرة، وبالتالي فان أي حركة بسيطة قد تؤدي الى تراجع الاسعار.
اسكندر
من جهته، اوضح الخبير الاقتصادي مروان اسكندر ان تراجع قيمة السندات وارتفاع تكلفة التأمين على ديون البلاد، «يعني ان هناك شكوكاً حول قدرة لبنان على التسديد»، لكنه قلّل من أهمية ذلك، مشددا على ان تراجع القيمة الشرائية للسندات لا يدلّ على ان الوضع كارثي، ولا يؤدي ايضاً الى نتائج كارثية لأن غالبية السندات اللبنانية في حيازة اللبنانيين الذين لن يلجأوا الى بيعها وايداع الاموال في الخارج بفوائد منخفضة.
الفراغ الحكومي
ووفقا للسيناريوهات المطروحة، لم يبدِ صرّوع تخوّفاً على الوضع المالي والنقدي في حال الدخول في فراغ حكومي، «لأنه من الناحية التقنيّة ووفقا للسياسة النقدية التي يعتمدها مصرف لبنان بالاضافة الى مخزونه من العملات الاجنبية، من غير المفترض ان يتأثر الوضع النقدي والمالي بالأزمة الحالية».
ورأى انه يجب تمرير المرحلة من خلال تأليف حكومة تكنوقراط الى حين اجراء الانتخابات النيابية.
اما اسكندر، فرأى ان الفراغ الحكومي «سيوفّر علينا الاموال التي كانت مرصودة لبواخر الكهرباء، مما سيخفف من عجز المالية». ورأى انه على عقلاء الدولة ضبط الإنفاق في تلك المرحلة، مبدياً تخوّفه من ان تؤدي الأزمة الحالية الى عدم حصول الانتخابات النيابية التي يمكن ان تؤدي الى نسبة 20 الى 30 في المئة من التغيير.