في هذه الأيام (9 كانون الاول) تحل الذكرى الـ 101 للصرخة من أجل لبنان المستقل بحدوده الراهنة. قليلون، خصوصاً في أوساط الشلة الحاكمة يتذكرون هذه الحقيقة، وبعضهم إن تذكرها ربما يتجاهلها عمداً، فلبنان بالنسبة إليه هو مجرد ساحة أو متراس في محور، أو هو صناعة مفتعلة لسياسة الاستعمار الفرنسي!
كان اللبنانيون أول الشعوب في المشرق العربي تعلن الاستقلال عن السلطنة العثمانية فور انهيارها. السوريون والعراقيون والأردنيون والفلسطينيون كانوا ينتظرون حصيلة اتفاق الشريف حسين والانكليز، والنخب في هذه النواحي كانت تميل الى مشروع استقلال عربي وحدوي، أركانه لبنانيون وعرب، وبعضهم من كبار الموظفين والضباط في جهاز السلطان المهزوم على يد الحلفاء. الإعلان اللبناني تم في 9 كانون الاول 1918 على يد جهة تتمتع بالشرعية. ففي ذلك اليوم اجتمع أعضاء مجلس إدارة متصرفية جبل لبنان التي أنشئت في العام 1861، وهي هيئة منتخبة، بحضور رؤساء الدوائر والأقلام، وقرروا الطلب إلى مؤتمر الصلح العام في باريس “تأييد استقلال هذا البلد اللبناني بإدارة شؤونه الإدارية والقضائية بواسطة رجال من أهله”، “ويكون لهذه البلاد اللبنانية مجلس نيابي، يؤلف على مبدأ التمثيل النسبي حفظاً لحقوق الأقلية، وينتخب من الشعب. ويكون لهذا المجلس حق التشريع ووضع القوانين الملائمة للبلاد، وسائر ما للمجالس النيابية في البلدان الديموقراطية”.
لم ينس قرار مجلس جبل لبنان التذكير باستقلال الإمارة منذ الغزو العثماني واتساع نطاق سلطتها في إطار لبنان الكبير وما حوله، ليطالب بلبنان الحالي، مدعماً مطالبته بإرسال وفد إلى باريس ضم دَاوُد عمون ونجيب عبد الملك وعبدالله الخوري وإميل أده وإبراهيم ابو خاطر وعبد الحليم الحجار وتامر حماده .التذكير بهذه الوقائع التاريخية مفيد، خصوصاً في ظروف لبنان الحالية، حيث تبلغ المزايدات حد إحلال الطائفة محل الوطن وزعيم الطائفة محل شعب بأكمله. وهو مفيد تحديداً لإعطاء معنى إضافي للانتفاضة الشعبية التي تثبت بشمولها وثباتها أنها الوريث والامتداد الشرعي لوقفة 1918 المجيدة.