Site icon IMLebanon

الشهر الأول لـ «عاصفة السوخوي»

عبرَ الشهر الأول على «عاصفة السوخوي» التي أطلقها الرئيس الروسي في سوريا من دون ان يستطيع أيّ طرف التكهّن بما ستؤول اليه من إنجازات. فما تحقق الى اليوم لا يوحي بعد بوجود نتائج مباشرة وسريعة. وهو ما يزيد من التكهنات في ظل تكثيف الحلف الدولي لعملياته ايضاً. فما هو التقويم الاولي للشهر الأول؟

يعترف أحد الخبراء العسكريين انه من الصعب جداً قراءة نهاية العاصفة الروسية وما يمكن ان تؤدي اليه. فالحديث عن آلية ثابتة ومبرمجة صعب للغاية إن لم يكن مستحيلاً.

فكثرة اللاعبين على الأراضي السورية يفرض تحولات وتعديلات يمكن أن تطرأ يومياً على خطط جميع الأطراف، بعدما ساد اعتقاد خاطىء في بعض الأوساط الدبلوماسية بأنّ موسكو ستتفرّد بالأجواء السورية وانّ دولَ الحلف تراجعت الى حد بعيد عن مخططاتها للمنطقة التي تشهد نزاعات مختلفة ومتداخلة بين المجموعات الإرهابية والمعتدلة والقوات السورية…

وعليه، فإنّ ما يحصل يومياً من تطورات متسارعة ومفاجئة يُدخل تعديلات فورية على الخطط. لكنّ تقويماً للعملية الروسية لوحدها أمر ممكن ضمن ما أفرزته العمليات العسكرية الهادفة الى تدمير البنى التحتية للمجموعات المسلحة المختلفة في المناطق التي تتواجه فيها مع الجيش النظامي وحلفائه.

ويقول الخبير العسكري الذي يتابع سير العمليات العسكرية انّ الجيش السوري لم يَستعد بعد المناطق التي خسرها في الفترة الأخيرة في ادلب وريف اللاذقية وسهل الغاب التي أوحت بانهياره والتي برّرت استدعاء التدخل الروسي لإنقاذ الساحل أولاً ومنع سقوط اجزاء إضافية من العاصمة والمدن الكبرى في شمال البلاد.

ومن دون الدخول في الكثير من التفاصيل فلم تقدّم التقارير المحايدة خلال الشهر الأول من العملية ايّ إشارة حازمة الى انّ الجيش السوري قد حقق انجازات كبرى. لا بل انّ بعضها قال انه استعاد بعض القرى والمواقع في ريفَي حماة وحلب وخسر مقابلها قرى ومواقع أخرى.

حتى انّ داعش اقترب من قطع الطريق الدولي بين دمشق وحلب والساحل السوري، بعد سيطرته على بلدة مهين في ريف حمص وانسحاب الجيش النظامي من البلدة، ولم يعد يبعد عن الطريق إلّا كيلومترات قليلة.

لكن ما ظهر جلياً – يقول الخبراء العسكريون – ارتفاع معنويات الجيش السوري الذي تسلّم المزيد من الأسلحة النوعية ولا سيما المدرّعة منها، لتُضاف الى قدراته العسكرية في موازة الغطاء الجوي الكثيف الذي وَفّرته الطائرات الروسية التي تعمل بأدق التقنيات بالتعاون مع غرفة عمليات الجيش لتسهيل مهمات الوحدات البرية التي تستعد للتوغّل في مواقع المعارضة بهدف استرجاعها.

ويضيف هؤلاء الخبراء: ليس في ما يُشار اليه ايّ سر، فالقيادة السورية مع حلفائها لم يتحدثوا بعد عن ايّ معارك فاصلة او حاسمة في ايّ منطقة متنازع عليها مع باقي الفصائل المعارضة، لا بل إنّ اللهجة التي يستخدمها النظام ومعه قادة الحراك الدبلوماسي الروسي والسوري والإيراني لا توحي بذلك، بدليل انها تركّز منذ فترة،

ولا سيما على هامش المؤتمرات الأخيرة في فيينا وباريس وبروكسل، على ضرورة وقف إمداد المجموعات المسلحة بالأسلحة والصواريخ الكاسرة للتوازنات ولا سيما الصواريخ المضادة للدروع بالإضافة الى الحديث عن بداية تسليمهم صواريخ مضادة للمروحيات والطائرات الحربية التي تحلّق على علو منخفض ومتوسط، وثمّة حديث عن بدء استخدامها في ريف حلب الشرقي وحماه الغربي، وهو ما عدّ تبريراً لعدم تقدّم وحدات النظام بالشكل الذي كانت تتمنّاه قياداتها وروسيا.

وعليه، انّ الشهر الأول من العملية الروسية، وفق الخبراء عينهم، شهد ردّات فِعل سلبية لا تصبّ في أهدافها. ومنها أولى عمليات توحيد القوى المعارضة بعدما كشف رئيس إدارة العمليات الرئيسية لهيئة الأركان العامة الروسية اندريه كارباتوف أنّ مسلحي «النصرة» و«داعش» قرروا الاتحاد في محافظة حماة في مواجهة القوات النظامية، بالإضافة لإشارته الى الصراع الداخلي بين المجموعات التي تتسابَق على احتلال الأراضي في المناطق التي يستهدفها الطيران الروسي، وهو ما يحول دون وصول الجيش السوري اليها.

وبناء على ما تقدّم ينصح الخبير العسكري بالمزيد من الانتظار وعدم فتح سجلات الانتصار او الانكسار من اليوم. فالاسابيع المقبلة قد تشهد عمليات عسكرية نوعية على اكثر من جبهة يعدّ لها الجميع بمَن فيهم أطراف الحلف الدولي، خصوصاً انه بوشِر بنشر طائرات هجومية اميركية من نوع «ايه-10» ومقاتلات «إف-15» في «قاعدة انجرليك» الجوية في إطار الحملة التي يشنّها الائتلاف الدولي ضد «داعش» بالإضافة الى إنزال جنود اميركيين على الأراضي السورية بقرار اتخذ قبل مؤتمر فيينا، وهو ما سيقود الى خلط اوراق من جديد.

وعندها لن ينفع العدّ للعملية الروسية بالأشهر ليتحوّل ربما الى سنوات إذا ما بقيت المفاوضات جارية ومن أجل تسويات مستحيلة وبحثاً عن قواسم مشتركة مفقودة.