IMLebanon

“المبدأ الأوّل تحقّق”… والثاني “بالمثل وعلى مهل”

 

 

حظيت عملية “المقاومة الإسلامية”، التي ردّت فيها بعد ظهر الأحد الماضي على الاعتداء الاسرائيلي الذي استهدف عناصره في سوريا، بأوصاف إيجابية لدى معظم الأطراف. فبعيداً من القراءات السياسية المختلفة، بين من يشدّد على الحق في الردّ وبين من يرفض منح هذا الحق لـ”حزب الله” بحجة السيادة اللبنانية، لفتت أغلبية الآراء إلى “دقة الردّ وحكمته”، والالتزام بالمعايير التي وضعها الأمين العام لـ “الحزب” السيد حسن نصرالله في كلمته في الليلة الأولى من ليالي عاشوراء، ليل السبت الماضي.

 

فقد استهدف الردّ ناقلة جند عسكرية عند الحدود مع لبنان، بتقنية مزجت بين طبيعة المكان وحدود الضربة التي راعت حجم ردة الفعل كي تبقى كل الأمور تحت السيطرة بما يخدم تطلعات “حزب الله” وتوجهاته.

 

بالنسبة إلى المراقبين، يعدّ الأمر الأهمّ في ما حصل أن “الحزب” استطاع أن ينفذ ردّه في ظروف بالغة التعقيد. إذ إنّ الجيش الاسرائيلي بقي مستنفراً على مدى أسبوع كامل منتظراً الردّ، غاب أفراده عن الحدود، ولأول مرة في تاريخه أخلى مواقعه، ونشر القبة الحديدية وكثف من حركة طائرات الاستطلاع كي يعرف أين ستكون الضربة. أي أنه فعلاً، وقف مستنفراً على “إجر ونص”، فيما قيادته السياسية تبعث بالرسائل كي تعرف حجم ردّ المقاومة وموعده.

 

يقول متابعون إن تأخر الردّ يعود لأسباب ميدانية، إذ رصد “حزب الله” هدفه جيداً. بعض المعلومات عن آلية الرصد والمتابعة لا تعرفها إلا المقاومة، التي أصدر أمينها العام الأمر بالرد وترك للقيادات العسكرية الميدانية تحديد الهدف والتوقيت المناسبين وآلية التنفيذ.

 

يعتبر “حزب الله” أن تنفيذ العملية، رداً على استهداف عناصره في سوريا، أتى بمثابة مرحلة أولى لتثبيت ميزان الردع ضد الاسرائيلي ومنعه من تغيير قواعد الاشتباك ولا سيما في استهداف أي من عناصر “حزب الله” في سوريا، وبقيت المرحلة الثانية التي لها علاقة بالرد على الاعتداء الذي استهدف مبنى العلاقات الإعلامية في ضاحية بيروت الجنوبية والتي سيحين وقتها لاحقاً. وبالمقارنة، جاء رد “الحزب” على استهداف عناصره مشابهاً لطريقة استهدافهم من اسرائيل، ما يعني أن الردّ على الطائرات المسيّرة قد يكون إما بإرسال طائرات مسيّرة شبيهة أو بإسقاط طائرات اسرائيلية تحلّق في الأجواء اللبنانية. أي أن رسالة واضحة وقوية أعلنت أن الضاحية ليست ساحة مستباحة ولبنان عموماً لن يكون مستباحاً ولن يسمح أبداً للاسرائيلي أن ينفذ عملية اغتيال أو خرق للقواعد المثبتة منذ العام 2006.

 

قبيل الضربة وبعدها مباشرة توالت الرسائل التي حملها الاسرائيلي عبر أميركا واليونيفيل إلى “حزب الله”، سواء من خلال الجيش اللبناني أو رئيس الحكومة سعد الحريري لتجنّب ردّ “الحزب” أو التخفيف من حدّته لأنه “إذا ردّ سنضرب لبنان وسنعيده إلى العصر الحجري” وفق الاسرائيليين، ولكن “مع هذا كله ردّينا، رغم كل التهديدات ورسائل التهويل المعلنة منها والسرية، رد “حزب الله” وأبقى الاسرائيلي ينتظر ردّه على إجر ونص أن دخيلكم اضربوا”. كان “الحزب” كلما أتته رسالة أو وساطة يجيب “قبل الردّ ما حدا يحكي معنا”.

 

هي أيضاً حرب استخبارات نجح فيها “حزب الله” في رصد وجود آلية اسرائيلية واستهدافها، فيما أخفقت الاستخبارات الاسرائيلية في الردّ على مصادر الصواريخ. ومن هنا فلا تتردّد مصادر “الحزب” في وصف الرد بأنه “عملية ممتازة والأهم هو تثبيت ردّ الفعل والمعادلة التي قالها السيد: تستهدفون في سوريا نستهدف في لبنان، وكان الرد عبر الحدود اللبنانية التي كانت تعتبر منذ العام 2006 هادئة ولن يعمد “الحزب” إلى الضرب هناك”.

 

وبعيداً من إنجاز العملية الميدانية، هناك “إنجاز سياسي باستعادة المبادرة والتحكم بقواعد الاشتباك، الواضح من الخطاب الأول أنّ الاسرائيلي استوعب وأراد أن يحفظ ماء الوجه حين قال نتنياهو لم تقع إصابات فيما هناك 4 اصابات مؤكدة لا بد سيعلن عنها لاحقاً بعد ان يستوعب ويبلع الحرج”.

 

“المبدأ تحقق” بالنسبة إلى “حزب الله”، “والضربة حصلت” لكن الردّ على العملية الثانية لم يحصل بعد “ثبّت في الردّ الأول قواعد الاشتباك في ما يتعلق بسوريا. ضربوه في سوريا فردّ في لبنان، استمرت المعادلة خمس سنوات إلى أن خرقها الاسرائيلي بغبائه ثم جاء يحاول لملمة الموضوع بالقول إنه اعتقد أن الموقع إيراني في سوريا، وأن ضربة لبنان كانت تستهدف مركز تجسس”.

 

أما بالنسبة للرد الثاني فسيكون “بالمثل، وعلى مهل”، وما قول السيّد “ما حدا يقللي يا سيّد في طيارة فوق ضيعتنا”… إلا تأكيد على أن الردّ سيكون “مُحكماً ومُعداً له بدقة ودراية”.