IMLebanon

سنة أولى روسية  في حرب سوريا

التدخل العسكري الروسي في حرب سوريا يدخل عامه الثاني. ولا أحد يعرف متى يستطيع الرئيس فلاديمير بوتين ان يعلن إنجاز المهمة. فالحديث في البدء عن ثلاثة أشهر للمهمة كان، على الأرجح للاستهلاك السياسي. والتطورات أكدت ان التورط ازداد بعد الاعلان المفاجئ عن سحب القسم الأكبر من الأسلحة الروسية، سواء لجهة القصف من بعيد بصواريخ كروز المجنحة أو لجهة الوصول الى معركة حلب. ولا شيء يوحي ان موسكو قلقة حيال التهديدات الأميركية بالبحث في خيارات غير ديبلوماسية والتوقف عن الالتزام الثنائي في اتفاق كيري – لافروف. فالحد الأقصى الذي كانت ادارة الرئيس باراك أوباما ولا تزال تعمل له هو تغيير الحسابات الروسية. والحد الأدنى في حسابات بوتين الاستراتيجية هو ضمان المشاركة الأميركية في تحقيق الأهداف الملائمة لموسكو.

ذلك أن بوتين المغامر يلعب بالقوى الاقليمية ويلاعب أوباما المهموم بالشرق الأقصى والمرتاح لسياسة القيادة من المقعد الخلفي في الشرق الأوسط. وهو بالدور الذي يلعبه على المسرح السوري المهم جداً في حساباته سجّل مجموعة أهداف في أخطر صراع جيوسياسي. إذ فرض على أوباما الذي قال قبل عامين أن روسيا يمكن ان تكون قوة إقليمية التسليم بأنها قوة دولية لا بد من الشراكة معها في إدارة النظام العالمي والنظام الإقليمي. وضمن قاعدة جوية وقاعدة بحرية على المتوسط واتفاقاً على النفط والغاز في المنطقة السورية الخالصة.

فضلاً عن ضمان الحماية للنظام ضد القوى الساعية الى إسقاطه بالقوة، وساهم في انتقاله، بالتعاون مع ايران والتنظيمات الدائرة في فلكها، من موقع الدفاع الى موقع الهجوم في الجغرافيا المسماة سوريا المفيدة. وفضلاً ايضاً عن تجربة الأسلحة الروسية الجديدة، ودفع دول المنطقة وأوروبا الى اعتبار موسكو مركز الاتصال للبحث في الجمع بين التسوية السياسية في سوريا والحرب على الإرهاب، خلافاً لما حدث من عزلة وعقوبات بعد التدخل الروسي في أوكرانيا وضمّ شبه جزيرة القرم.

لكن ذلك ليس كل شيء، ولا من دون ثمن اقتصادي يصعب الإستمرار في دفعه. فالتسوية السياسية التي هي في الخطاب الروسي هدف أساسي للتدخل العسكري لا تزال بعيدة. والبعض يقول أنها لم تعد ممكنة حتى بشروط النظام قبل الحديث عن القرارات والتفاهمات الدولية أو شروط المعارضة. والحسم العسكري الكامل مهمة مستحيلة قبل معركة حلب وبعدها.

والسؤال في جحيم حلب وسط التراجيديا السورية هو: ماذا عن تشريد نصف السوريين والشرخ الحاصل في النسيج الوطني والاجتماعي، ومئات آلاف القتلى والجرحى والمفقودين والمعتقلين؟ أي سوريا سيعاد بناؤها؟ وأية انتصارات في مقبرة؟.