تحاول اللجنة الخماسية المولجة بمتابعة الشأن اللبناني (أميركا، فرنسا، السعودية، مصر، وقطر) إعادة تنشيط الملف الرئاسي الذي أصابه الشلل التام بعد اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وامتداد نيرانها الى الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة… فهل من الممكن تحقيق خرق في هذا الملف، ام من الصعب تحديد هوية رئيس الجمهورية المقبل وانتخابه قبل توقف الحرب وتبيان طبيعة التوازنات التي ستفرزها؟
يوضح المطلعون انّ المحاولة الجديدة من قِبل بعض مكونات «الخماسية» لتحريك المسار الرئاسي المجمّد منذ فترة، ترتكز على قاعدة فصله عن غزة وبالتالي إيجاد بيئة مناسبة داخلياً لإتمام العملية الانتخابية.
الّا انّ هناك في المقابل من يعتبر انّ تفكيك «وحدة المسارين» ليس واقعياً وغير سهل التحقق، وسط التداخل بين جبهتي غزة ولبنان، سواءً على المستوى العسكري او من ناحية المفاعيل السياسية، وبالتالي فإنّ أصحاب هذا الرأي يجدون انّ اي تحرك لإنهاء الشغور في قصر بعبدا، قبل انقشاع غبار العدوان، هو «طق حنق» ومجرد تضييع للوقت.
ومع ذلك، يكشف العارفون انّ هناك إتجاهاً لدى «الخماسية» نحو تفعيل مساعيها الرامية الى تأمين الأرضية الملائمة لانتخاب الرئيس من دون انتظار نهاية أزمة غزة، وانّ شباط المقبل سيكون شهراً مفصلياً لجهة استشراف احتمال انجاز الاستحقاق الرئاسي.
ويُنقل عن أحد السياسيين الظرفاء، والذي يواكب طلائع الحراك المتجدّد، انّه يأمل في أن يحصل شيئاً من التقارب بين القوى اللبنانية حول اسم مقبول، أقله من وحي «عيد الحب» في 14 شباط!
ويبدو انّ من العوامل المحفّزة التي دفعت اطرافاً في اللجنة الخماسية الى اتخاذ قرار بإعادة تحريك المياه الراكدة، هو الشعور المتزايد بأنّ هناك حاجة الى وجود رئيس للجمهورية يواكب مخاض المنطقة، ويوقّع على اي اتفاق مستقبلي محتمل في شأن الحدود البرية الجنوبية، ضمن ترتيبات مرحلة ما بعد العدوان الاسرائيلي على غزة.
كذلك، فإنّ ممثلي «الخماسية» يتحسبون لاحتمال ان تتدحرج المواجهة الحالية بين «حزب الله» والكيان الاسرائيلي الى حرب واسعة، وبالتالي فهم باتوا في ما يشبه السباق مع هذا الاحتمال المتصاعد، سعياً الى اقتناص فرصة لانتخاب الرئيس قبل أن يقع الأسوأ ويصبح الوضع العام برمته في مكان آخر.
ويلفت العارفون إلى أنّ «الخماسية» ستعاود تفعيل دورها على قاعدة انّها لا تدعم أي مرشح ولا تضع فيتو على اي مرشح، بل سيتركّز اهتمامها على تسهيل انعقاد مجلس النواب لانتخاب الرئيس، «واذا كانت معظم مكوناتها تفضّل من حيث المبدأ ما يُعرف بـ»الخيار الثالث» الّا انّها ستحترم النتيجة التي يمكن أن تفضي اليها جلسة الانتخاب، اياً كانت».
ووفق المطلعين، سيتمّ البحث في الكواليس عن «فتوى» تسمح بشكلٍ ما من الحوار الداخلي التمهيدي، الذي يمكن أن يتخذ طابع جلسة تشاور او نقاش، تمهّد لالتئام المجلس النيابي.
ومن المرجح، ان يعود الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان خلال الأسابيع القريبة، متأبطاً خلاصة التوصيات المستمدة من ردود الكتل النيابية على الأسئلة التي كان قد وجّهها اليها في خصوص مواصفات الرئيس واولوياته.
وغالب الظن، انّ «الخماسية» ستعتمد تلك التوصيات وتبني عليها، علماً انّ البعض يتوقع ان تعقد اجتماعها المقبل في السعودية التي بادرت الى تزخيم الحراك الرئاسي مجدداً، ولديها «مونة» على عدد لا بأس به من النواب.