لم تيأس اللجنة الخماسية العربية – الدولية بعد من محاولات «إنعاش» الاستحقاق الرئاسي الذي يكاد ان يحتضر في غرف العناية الفائقة للدول التي تركته الى اللحظات الاخيرة، بسبب انشغالها بملفات أخرى أكثر أهمية، مثل وقف الحرب في غزة وإنجاز مفاوضات تحرير الاسرى، ما ينعكس تلقائياً على جبهة الجنوب. فموضوع غزة هو الموضوع الذي تشتغل عليه الدول الاربع الاعضاء في اللجنة، مصر وقطر وفرنسا والولايات المتحدة الاميركية.
عقد سفراء دول اللجنة الخماسية في بيروت اجتماعاً أمس، لم يصدر عنه أي موقف يوحي بحصول تقدّم ما في مسعاهم، بل صدر بيان مقتضب يركّز على الافكار العامة التي تتداولها اللجنة وسفراؤها. ولولا انشغال اربعة اعضاء من اللجنة الخماسية بموضوع وقف الحرب في غزة، لكانت اللجنة قد حققت ربما خطوات ما حول الاستحقاق الرئاسي بعد تغيير مقارباتها في التعاطي مع هذا الاستحقاق. هذه المقاربات التي وصلت، بحسب مصادر رسمية متابعة، الى حد الاختلاف بين الاعضاء.
وقالت المصادر لـ»الجمهورية»: يبدو أن اللجنة الخماسية «المركزية» لم تتوصل بعد الى توافق كامل حول آلية إنجاز الاستحقاق الرئاسي، نتيجة اختلاف الآراء داخل مكوناتها حول عدد من النقاط والتوافق فقط حتى الآن على مواصفات الرئيس العتيد، ونتيجة الإنقسام اللبناني ايضاً حول هذا الاستحقاق.
وأوضحت المصادر «انّ السفراء ذهبوا الى اجتماع أمس من دون وجود اي اقتراح مشترك يجمعهم، بل اجتمعوا «لتبادل وجهات النظر ولمناقشة افكار يمكن ان تشكّل قواسم مشتركة بينهم وبين الاطراف اللبنانية، خاصة انّ النقاش ما زال يدور حول الافكار ذاتها التي تم تداولها منذ اكثر من شهر، وملخّصها: هل تتبنّى اللجنة اسم مرشح معيّن او اكثر؟ وهل تحدد مهلة زمنية لمجلس النواب لانتخاب رئيس ام لا؟ وهل تذهب بعض دول اللجنة الى فرض عقوبات او إجراءات حول معرقلي الاستحقاق الرئاسي؟».
وبحسب المصادر المتابعة، يبدو انّ فرنسا تعمل على توحيد الرؤية ومعالجة التباينات داخل اللجنة، وظهرَ ذلك خلال زيارة الموفد الرئاسي جان إيف لودريان الى كل من مصر والسعودية، كما لهدف إبقاء دينامية اللجنة قائمة إزاء لبنان برغم الانشغالات بمواضيع اقليمية اكثر اهمية وسخونة.
وبحسب المعلومات المتاحة لـ«الجمهورية»، فقد اطلع سفراء الخماسية من السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو على نتائج جولة لودريان الاخيرة، وناقشوا ايضاً تطورات مسار الاتصالات والاوضاع القائمة في غزة. وهذا الموضوع الى جانب التوتر في الجنوب كان مدار متابعة ايضاً من قبل المجتمع الدولي خلال زيارات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب واللقاءات التي عقداها في المنتديات الدولية التي شاركا فيها.
وبحسب المعلومات ايضاً، فإنّ الشغل الشاغل للمجتمع الدولي يتمحور حول الوضع في غزة والحرب في اوكرانيا، التي حصلت فيها تطورات عسكرية وسياسية مهمة مؤخراً، أعادت انتباه الدول المعنية، لا سيما الاوروبية، إليها بالتوازي مع الاهتمام بما يجري في الشرق الاوسط وخاصة في البحر الاحمر والخليج.
وبحسب المصادر الرسمية المتابعة، فإنّ الحرب في غزة لم تصل الى مرحلة النهاية بل انّ تطوراتها ما زالت سلبية حتى الآن، وهو امر يعكس مزيداً من السلبية على وضع جبهة الجنوب، بدليل ذهاب الكيان الاسرائيلي الى تصعيد خطير كل مرة بقصف أهداف خارج نطاق جنوب الليطاني كما حصل في اكثر من منطقة، وآخرها في الغازية قرب صيدا. وقد لمسَ لبنان انّ الكثير من الدول الغربية لا تملك تفاصيل عمّا يجري في جبهة الجنوب لأنّ اهتمامها مُنصبّ على جبهات اخرى، وبالتالي فهي تعطي الاولوية لوقف الحرب في غزة لتتوقّف حروب الجبهات الاخرى لا سيما في الخليج والبحر الاحمر، ولمتابعة الحرب في اوكرانيا. أمّا تطبيق القرار 1701 كاملاً ومن جهتَي لبنان وفلسطين المحتلة فليس أولوية لكثير من الدول.