مُحاولة فصل الرئاسة عن حرب غزة غير مضمونة… والتسوية الداخليّة غير ناضجة
تتحرك “اللجنة الخماسية” مجددا سعيا الى حل ازمة الملف الرئاسي اللبناني وانتخاب رئيس للجمهورية ، باعتبار ان انجاز هذا الاستحقاق يعيد احياء عمل المؤسسات الدستورية بانتظام، ويساهم مساهمة كبيرة في معالجة الازمة القائمة في لبنان، ويشكل المعبر الى تشكيل حكومة كاملة الصلاحية لاجراء الاصلاحات الاقتصادية اللازمة والتعاطي مع سائر الملفات المطروحة.
لكن اللجنة اليوم لا تحصرعملها بهذا الملف ، فهناك اعضاء فيها، لا سيما واشنطن وباريس، ينشطان لوقف المواجهات بين حزب الله والعدو الاسرائيلي على الحدود الجنوبية. فبعد اندلاع حرب غزة وتداعياتها، توسع اهتمام دول اللجنة ليتركز ايضا على الوضع الملتهب في الجنوب والمواجهات بين حزب الله وجيش العدو الاسرائيلي لتدارك توسعها، ما يهدد بانفجار اكبر في المنطقة.
ويقول مصدر سياسي مطلع ان باريس وواشنطن من بين الدول الخمس التي تحاولان العمل على خطين:
– الاول يتعلق بالملف الرئاسي والدفع به نحو الحل، مع العلم ان فرنسا تبدو متحمسة لتنشيط العمل على هذا المحور، بينما تستمر الادارة الاميركية بالتعامل معه بوتيرة عادية او منخفضة.
– الثاني: يتعلق بمحاولة فصل الوضع في الجنوب اللبناني عن الحرب التي يشنها العدو الاسرائيلي على غزة.
ووفقا للاجواء التي رشحت عن التحركات والتحضيرات الجارية لانعقاد اجتماع “اللجنة الخماسية” المركزية ، يلفت المصدر الى ان فرنسا ما تزال متحمسة لتنشيط الجهود من اجل انتخاب رئيس الجمهورية في اقرب وقت، وتعتبر ان هذه الخطوة مطلوبة اليوم لكي يتعاطى لبنان مع كل الملفات المطروحة، ومنها الوضع في لبنان. وتؤيد باريس فكرة فصل الملف الرئاسي اللبناني عن حرب غزة وتداعياتها، معتبرة ان المشكلة التي تعيق حل هذا الملف هي مشكلة داخلية لبنانية بالدرجة الاولى، ويمكن معالجتها بوقف “الفيتوات” المتبادلة بين الاطراف اللبنانية حول هوية الرئيس ومواصفاته .
وبرأي المصدر ان واشنطن منذ اللحظة الاولى حرصت على ان تكون في المشهد الخلفي في مسألة التعاطي مع الملف اللبناني، وان دعواتها المتكررة لانتخاب رئيس للجمهورية لم تقترن بانخراطها الجدي والفعلي في تسهيل الحلول، بقدر ما كانت تتعامل معه كمادة للتفاوض من اجل الحفاظ على مصالحها ودورها في لبنان .
ووفقا للمعلومات على ضوء حركة الموفدين الغربيين باتجاه لبنان، فان فكرة فصل جبهة الجنوب عن حرب غزة سقطت منذ البداية، رغم تكرار المحاولات الاميركية والاوروبية لتحقيق هذا الهدف. وقد حسم الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مع بداية هذه المحاولات هذا الامر، بتأكيده اكثر من مرة ان وقف المعركة على الحدود الجنوبية مع العدو الاسرائيلي لن يكون قبل وقف العدوان على غزة. وكان للرئيس نبيه بري موقف مبكر ايضا، عندما ابلغ الموفد الاميركي هوكشتاين وسائر المسؤولين والموفدين الغربيين، ان عليهم التوجه الى العدو لوقف حربه على غزة، وان تنفيذ القرار ١٧٠١ هو عند العدو الاسرائيلي. كما عبر الرئيس ميقاتي في وقت لاحق عن موقف مماثل وصفه بالموقف الواقعي ، معتبرا ان الحل هو في وقف حرب غزة .
وبالنسبة لفكرة فصل الاستحقاق الرئاسي عن تداعيات حرب غزة، يبدو واضحا حتى الآن ان هناك تباينا في التعامل مع هذه الفكرة داخل “اللجنة الخماسية”، بين الجانب الاميركي وبين سائر اعضاء اللجنة ، باعتبار ان واشنطن تعطي الوضع الجنوبي الاولوية، وتتعامل مع الملف الرئاسي بوتيرة عادية، وعلى انه يأتي في الدرجة الثانية .
وفي ظل هذا المشهد داخل “اللجنة الخماسية”، تنظر الاوساط المراقبة الى تحركها الجديد نظرة ترقب وحذر، خصوصا ان ما يجري التداول فيه حتى الآن لا يعطي انطباعا على ان اللجنة بصدد اجتراح حل سحري، يمكن ان يؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية قبل بداية الربيع كما يعتقد البعض .
وحسب ما يتسرب من معلومات ، فان اللجنة لم تتمكن من بلورة صيغة جديدة متقدمة، يمكن ان تؤدي فعلا الى اتفاق الاطراف اللبنانية والذهاب لانتخاب رئيس للجمهورية، خصوصا ان ما رشح حتى الآن انها ما زالت تدور في فلك المواصفات، دون مقاربة الاسماء وحصرها باسمين او ثلاثة . ومن المستبعد ان يأتي الموفد الفرنسي جان ايف لودريان بعد اجتماعها المركزي المرتقب بمثل هذه السلة من الاسماء. مع العلم ان مثل هذا الاسلوب يمكن ان يكون مادة للحوارات بين الاطراف والقوى اللبنانية، لتوفير المناخ وعناصر نجاح جلسة انتخاب رئيس للجمهورية .