Site icon IMLebanon

نيران الفتنة المذهبية الكبرى !

غريب، ها هو مارتن ديمبسي يعلن ان من الخطأ ان يكثف الائتلاف الدولي الغارات على “داعش”، مكرراً دعوة باراك اوباما الى التحلّي بالصبر الإستراتيجي، فهل المطلوب ترك المهمة للإيرانيين الذين يقودون العمليات في تكريت كما في سوريا؟

ديمبسي يدعو الى التروي وأخذ الوقت اللازم لجمع المعلومات عن المواقع التي يستهدفها القصف، لكأن الحملة التي بدأت منذ ثمانية أشهر تُشن على طريقة “يا ربي تجي في عينو”، او لكأن الأقمار الاصطناعية والصور التي تلتقطها المقاتلات عاجزة عن تحديد الأهداف التي يفترض تدميرها!

مسخرة طبعاً، لكن الأخطر هو ربط وتيرة الغارات الجوية بقدرات الجيش العراقي الميدانية وبرغبة الحكومة العراقية في التصالح مع السكان السنّة، الذين يتوجسون من القوات العراقية ويعتبرون ان الشيعة يهيمنون عليها !

هل هو دخان الفتنة السنّية – الشيعية الكبرى يتعالى من سماء العراق وسوريا، وخصوصاً عندما يحذّر ديمبسي من إنهيار “الائتلاف الدولي لمحاربة الإرهاب” بسبب الانقسامات المذهبية وفشل الحكومة العراقية في إرساء استراتيجية وحدة وطنية سبق لها ان إلتزمتها، وان الإئتلاف يضم دولاً سنّية بشكل خاص لكن” العلاقة بين بغداد وطهران باتت تثير القلق”، وان كل الضمانات التي قطعتها الحكومة العراقية حول إلتزام المصالحة مع السنّة تفتقر الى الصدقية!

اذا كان ديمبسي يقلق من تنامي النفوذ الإيراني عبر الفصائل الشيعية المشاركة في معارك تكريت، فان تصريحات المسؤولين في طهران تتجاوز كل هذا عندما يقال مثلاً “ان بغداد باتت عاصمة الامبراطورية الإيرانية التي يمتد نفوذها من باب المندب الى المتوسط”. واذا عرفنا ان وحدات الجيش العراقي تمثّل ثلث القوات التي تحاصر تكريت وان الحشد الشعبي الشيعي والايرانيين يمثلون الثلثين، وان الضباط الايرانيين هم الذين يقودون الهجوم، في حين تتعالى صرخات المناطق والقبائل السنّية مطالبة بالتسليح لتشارك في القتال ضد “داعش”، يمكن عندها قراءة الأبعاد المقلقة في تصريح ديمبسي.

كلام ديمبسي يتلاقى مع الاجواء التي صوّرتها الإستخبارات الاميركية امام الكونغرس حيث قال جيمس كلابر”ان منحى الأرهاب أسوأ بكثير من أي وقت في التاريخ”، أما مايكل موريل نائب رئيس الإستخبارات السابق فيقول: “أشك في انني سأعيش كي أرى لحظة نهاية تنظيمات الإرهابيين، انه أمر طويل وربما سيظل جيل كامل من أبنائي وأحفادي يراقبون هذه المعركة”، وهذا ما يدفع الى طرح السؤال الأهم:

هل “داعش” أقوى من ٦٠ دولة، أم ان اميركا تريد في النهاية إغراق الجميع في هذه المنطقة في الهزائم، أنظمة ومنظمات حلفاء وخصوماً، عبر الحرب المذهبية الكبرى بين الشيعة والسنّة، التي بدأت تنفيذها بعد إحتلال العراق عام ٢٠٠٣ لا قبل ذلك بكثير؟