في خضم الإهتمام باستحقاق الإنتخابات النيابية وتحضير اللوائح بين القوى الحليفة والمتخاصمة على حد سواء، تتهدد الحكومة أخطار عدة ابرزها انفراط التضامن الوزاري واستغلال طاولة مجلس الوزراء وتحويلها الى ساحة مبارزة انتخابية تستخدم فيها كل أنواع الأسلحة المشروعة وغير المشروعة. وتحذر مصادر وزارية من خطورة امتداد الكباش الإنتخابي بين مكونات الحكومة الى داخل محلس الوزراء، لأن أي تصعيد أواشتباك مهما كان عنوانه ومضمونه سيؤدي الى تعطيل وشلل الحكومة وذلك في الوقت الذي تبدوفيه الساحة الداخلية أمام أزمات متراكمة وفي كل المجالات القضائية والإقتصادية والتعليمية والنقابية، وتسجل تحركات واعتصامات في الشارع بشكل شبه يومي. ولفتت هذه المصادر الى ان الضغط على الحكومة يتجه الى التزايد في الاسابيع الفاصلة عن موعد الإنتخابات النيابية في 6 أيار المقبل, مؤكدة أن أطرافاً عدة داخل وخارج مجلس الوزراء، تتحرك لمحاصرة المرشحين من الوزراء كما رئيس الحكومة سعد الحريري، من أجل تحقيق غايات إنتخابية بالدرجة الأولى. ومن هنا فإن حراك جمعيات المجتمع المدني وتحرك أهالي الموقوفين الإسلاميين وإضراب المعلمين يوم الخميس واعتراض القضاة المتصاعد، يندرج في سياق المطالب المحقة والمشروعة كما تضيف المصادر الوزارية، لكنها أوضحت ان استغلالها من قبل قوى سياسية محلية وربما خارجية، يهدف الى تقييد حركة بعض الوزراء من خلال تصعيد الخطاب ضدهم في الشارع كما الى استخدام الأزمات الحياتية كمنصة لتوجيه الإتهامات من قبل الأحزاب والقوى المشاركة في الحكومة ضد بعضها البعض من جهةوواستخدامها من قبل المعارضة للتصويب على السلطة من جهة أخرى.
لكن هذا التبرير لا ينفي ان الحكومة تقف شبه عاجزة أمام مقاربة عشرات الملفات المصيرية المرتبطة بحياة المواطنين ومعاناتهم اليومية، كما تضيف المصادر الوزارية نفسها والتي تشدد على ان القرار السياسي اليوم يركز على إبعاد نار المنافسة الإنتخابية عن طاولة مجلس الوزراء وعزلها عن أية صراعات تنذر بنسف وحدتها وتبديد كل الفرص المتاحة في الظروف الراهنة, للإفادة من المؤتمرات الدولية الداعمة للبنان خصوصاً وان التركيز من قبل الدول المانحة قبل تقديم أية مساعدة هو على العمل اللبناني الإصلاحي الداخلي قبل أي دعم خارجي.
وبالتالي فإن هذا القرار يتعارض بقوة وكما تقول المصادر نفسها، مع الحاجة المتزايدة لدى كل فريق سياسي أو حزب أوتيار مشارك في الحكومة، الى حشد التأييد الشعبي ولو إقتضى الأمر تصعيد الحملات ضد الحكومة أوضد السلطة التي يشاركون فيها، وذلك للحصول على أكبر قدر ممكن من التأييد أوالأصوات التفضيلية التي ستقتصر على محظوظ واحد داخل كل لائحة سواء أكان من فريق واحد أومن عدة أفرقاء متحالفة معاً لخوض السباق الإنتخابي.
وفي سياق متصل فإن عنوان الحملات الإنتخابية الذي يكاد يكون واحداً لدى غالبية اللوائح وخصوصاً العنوان السياسي المرتبط بالحقبة السابقة, يضع في مهب الريح مجمل عملية ربط النزاع المستمرة منذ التسوية الرئاسية على حد قول المصادر الوزارية التي تعتبر انه من الصعب الحفاظ على معادلة التسوية الداخلية والإستقرار السياسي فيما لوعاد طرفا هذه التسوية البارزان، الى الإشتباك المذهبي ولو اقتصر هذا الأمر على الخطاب الإنتخابي فقط.
وفي هذا المجال فإن إدخال معادلة الإستقرار في البازار الإنتخابي ستكون له ارتدادات سلبية على مجمل المشهد الحكومي وتالياً على صورة السلطة بكامل أطرافها، حيث ترى المصادر نفسها ان كل مكونات هذه السلطة هي شريكة في الواقع الحالي بإيجابياته كما بأزماته المتراكمة ولذلك فإن أي تصويب يطال الفريق بأكمله وليس طرفاً وزارياً دون غيره انطلاقاً من غياب التمايز في العمل الحكومي كون مقررات مجلس الوزراء التي يصدق عليها الغالبية تجعل الحكومة مجتمعة مسؤولة أمام المواطنين عن أي مقاربة أومعالجة غير ناجحة لأي أزمة مهما كانت طبيعتها.
وانطلاقاً من هذه المعطيات تقول المصادر الوزارية ان ابعاد الحكومة عن شظايا المعارك الإنتخابية هوبمثابة الوسيلة الأفضل في الوقت الحالي للحؤول دون تفجيرها من الداخل وبالتالي فإن اي قرارات حاسمة في ملفات عالقة منذ أشهر لن تصدر في المدى المنظور وذلك في سياق تمرير الوقت من دون أية أزمات إضافية.