في تغطيتها لكارثة الفيضانات التي أصابت ليبيا، أوردت «النيويورك تايمز» صورتين جويّتين التقطتهما الأقمار الصناعية في 31 آب الماضي، وفي 12 أيلول الجاري. وتظهر الصورتان كيف كانت مدينة درنة الساحلية في الصورة الأولى، وكيف صارت في الثانية. وبحسب آخر المعطيات الرسمية هناك، فإنّ أكثر من 5000 شخص لقوا حتفهم. وتسببت الأمطار الغزيرة بالكارثة التي أدت إلى انفجار سدّين بالقرب من المدينة المنكوبة. فكانت النتيجة، تدمير جزء كبير من درنة ونقل أحياء بأكملها إلى البحر.
وسط هذه الكارثة التي ندر مثيلها، نشر رجل الدين العراقي مقتدى الصدر على منصة «إكس» تعليقاً، قال فيه إن «ذنب ليبيا غير مغفور»، في إشارة إلى «تورّطها» في اختفاء رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى موسى الصدر الذي زار ليبيا عام 1978 واختفى هناك.
تشاء الصدف أن يأتي تعليق مقتدى الصدر قبل صدور عدد الصحيفة الأميركية. ولو افترضنا أنّ الصدر الحالي انتظر هذا العدد واطلع على الصورتين المنشورتين فيها لتوقف عند تاريخ التقاط الصورة الأولى، 31 آب الماضي. أي في التاريخ نفسه الذي اختفى فيه الصدر ورفيقاه الشيخ حسن يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، وذلك قبل 45 عاماً.
لماذا اختارت نيويورك تايمز 31 آب وليس قبل هذا اليوم، أو بعده؟ لا نعرف بعد. ولو شئنا أن نطرح السؤال على الصدر العراقي، فمن المرجح أنّه سيجيب قائلاً، «إنّ إعصار دانيال بدأ يتهيأ في ذلك اليوم لتصفية الحساب انتقاماً للامام الصدر ورفيقيه».
للتوضيح فقط، إنّ آخر مكان شوهد فيه الإمام الصدر كان في طرابلس الغرب، حيث استقبله الرئيس الليبي العقيد معمر القذافي. فهل حصل التباس في حسابات دانيال الذي اختار درنة ولم يختر العاصمة الليبية؟
قبل أيام وبعد الإنتهاء من إحياء الذكرى الأربعين للأمام الحسين الذي سقط قبل أكثر من 13 قرناً في معركة كربلاء في العراق، رفع حقوقيون عراقيون دعاوى قضائية ضد يزيد بن معاوية الخليفة الأموي في ذلك الزمن. وبحسب قناة «آي نيوز» العراقية، فإنّ المنادين بمحاكمة يزيد «يرون أنّ هذه الدعاوى القضائية حقيقية ولها أساس جوهري لا يتعارض مع عنصر التقادم الزمني»، وبأنّ أهميتها قانونياً تكمن في «التثبيت التاريخي لحقيقة ارتكاب الجرائم قانوناً بفك التشويش الذي يبقيه البعض بهذا الخصوص».
من يعد إلى واقعة الإمام الصدر في هذا الزمن، وإلى واقعة الإمام الحسين في الزمان القديم، يتبيّن أنّهما يتعلقان جغرافياً ببلدين هما ليبيا وسوريا. وكلا البلدين هما من حلفاء الجمهورية الإسلامية الإيرانية. ففي زمن القذافي كانت علاقة طهران مع الحاكم الليبي الراحل على أحسن ما يرام. أمّا في زمن آل الأسد الذين يحكمون سوريا منذ سبعينات القرن الماضي، فنشأت ولا تزال علاقة وثيقة بين ملالي إيران وسوريا الأسد.
هل يمكن لمقتدى الصدر وحقوقيّي العراق التقاط هذا الخيط كي يمضيا في قضيتَي الإمامَين؟
لو يتسع المجال، سيتبيّن الكثير من الخيوط، ومنها أنّ ذهاب السيد موسى الصدر في رحلته الأخيرة إلى طرابلس الغرب كانت بعد نصيحة حاكم دمشق حافظ الأسد. أمّا مأساة الإمام الحسين فكانت مع حاكم دمشق أيضاً، أي يزيد بن معاوية. كيف يمكن الخروج من هذه الدوامة، أقله في ما يتعلّق بالامام الصدر؟ لنكتف بالقول: الحق على دانيال.