لا يزال ملف الكهرباء يساهم في زيادة معدلات «التقنين» في التضامن الحكومي والاستقرار السياسي نتيجة الخلافات المتراكمة بين مكوّنات مجلس الوزراء حول طريقة معالجة هذا الملف الذي يستنزف خزينة الدولة منذ عقود، ملتهماً مليارات الدولارات ومتسبّباً في تفاقم العجز المالي، من دون أن يتحقق حتى الآن «الوعد التاريخي» بعودة التيار 24/24.
وفيما تخضع الحكومة مجدداً الى «الاختبار الكهربائي»، على وقع خطة أعدتها وزيرة الطاقة، تتهيّأ «القوات اللبنانية» لتسلق خطوط التوتر العالي، عبر خطة مفصلة وشاملة، ضمّنتها مقاربتها للأزمة والحلول، وأرفقتها بمروحة من الاتصالات مع قوى سياسية عدة، بغية تمهيد الارضية امام طرحها في مجلس الوزراء.
وترفض «القوات» بموجب الورقة التي أعدتها أي إنتاج اضافي للطاقة قبل معالجة مشكلات الشبكة والجباية، «كونه سيؤدي حتماً الى مزيد من الأعباء المالية على الخزينة، خصوصاً أن نحو نصف كمية الانتاج يذهب هدراً».
وتشدد على ضرورة عدم التأخر في إطلاق دفاتر الشروط لبناء معامل دائمة، لافتة الى أن الحلول التي طرحتها الشركات العالمية هي حلول موقتة وأخرى طويلة الامد بحيث تصبح كلفتها الإجمالية أقل بكثير من كلفة الحلول الموقتة كالبواخر مثالاً. وتدعو الى تشكيل لجنة طوارئ وزارية للإشراف على تنفيذ الإجراءات المطلوبة لحل مشكلة الكهرباء.
وفي ما يلي نص الخطة التي أقرّتها «القوات» لمعالجة ازمة الكهرباء، بالتعاون مع مؤسسة «كونراد آديناور»، و»مركز الشرق الاوسط للابحاث والدراسات الاستراتيجية»:
- مقدمة
إن ايجاد حل لقطاع الكهرباء هو أمر ملحّ وضروري، ومن أسباب الضرورة الوقع الايجابي على الاقتصاد والمواطن والخزينة اذا تأمنت الكهرباء على مدار الساعة بكلفة متدنية على الدولة والمواطن، إذ إنّ حلّ معضلة قطاع الكهرباء هو أحد المداخل الاساسية لحل مشكلة العجز.
فدعم الدولة قطاع الكهرباء يسبب دَيناً تراكمياً يفوق 45 في المئة من نسبة الدين العام، وعلى مدى عقود، وفي السنة الأخيرة فقط، فاق الدعم 2,500 مليار ليرة، وما زال القطاع في حاجة الى مزيد.
اولاً: وقائع وتحدّيات
- الأثر المالي لقطاع الكهرباء:
يُعتبر قطاع الكهرباء خدمة أساسية تحمل اثراً اقتصادياً ومالياً كبيراً (..) وهو راكم ديوناً على الدولة بسبب العجز المزمن الذي فاق:
45 % من الدخل القومي.
40 % من عجز الموازنة.
25 % من عجز الميزان التجاري نتيجة كلفة «الفيول اويل».
أدّى تراكم العجز الى عواقب مالية واقتصادية حتى أصبح تصنيف لبنان في المراتب الثلاث الاخيرة في العالم من حيث تأمين خدمة الكهرباء، بحسب منتدى الاقتصاد العالمي، وبحسب تقرير «ماكينزي»، بحيث يحتل لبنان المرتبة 134 من أصل 137 دولة.
ويعود التراكم في الخسائر الى عاملين أساسيّين:
– الهدر التقني وغير التقني الذي يصل الى 51% من الانتاج (34% بحسب مؤسسة كهرباء لبنان).
– دعم فرق التعرفة.
فيما يصل حجم العجز في الانتاج الى 60% تقريباً من الحاجة الكلية (2200 ميغاوات مؤمّنة فقط من طلب يصل الى3500 ميغاوات بعجز 1300 ميغاوات).
وصلت الكلفة الإجمالية للقطاع في العام 2017 الى 2.4 مليار دولار اميركي إستناداً الى تقرير ماكينزي، وتم تحصيل 900 مليون دولار منها فقط، أي 39% من الكلفة الإجمالية، ما استوجب دعماً مالياً بنسبة 1.5 مليار دولار تقريباً، تتوزع على عدة مكامن من الهدر.
- الهدر ومسبباته
يتوزع الهدر على مكامن عدة منها الهدر التقني على الشبكة والهدر في فعالية الإنتاج والهدر غير التقني.
– الهدر التقني: يقدر بين 200 و350 مليون دولار(..).
– الهدر في فعالية الإنتاج: يقدر بنحو 900 مليون دولار(..).
– الهدر غير التقني: يقدر بنحو 450 الى 600 مليون دولار: ويتضمن المبالغ غير المفوترة بما في ذلك السرقة والتعديات (19%)، والمبالغ المفوترة غير المحصلة (6% تقريباً).
– فارق التعرفة: يقدر بين 200 الى 480 مليون دولار(..)
- المشكلات في الشبكة
انّ تطوير شبكات النقل والتوزيع وحل الخنقات هي من المشكلات الاساسية التي يعاني منها قطاع الكهرباء في لبنان، حيث تقدر كلفة الإصلاحات بنحو 100 الى 350 مليون دولار ما يخفّض الهدر الفني بنسبة 50%، أي 10 نقاط مئوية بالمقارنة مع الوضع الحالي (من 15 الى %6 او 5%)، وما يخفض بالتالي القيمة الحقيقية للهدر الفني سنوياً من 300 مليون الى اقل من 100 مليون دولار(..)
- تطبيق القوانين
نص القانون الرقم 462/2002 المتعلق بتنظيم قطاع الكهرباء على إنشاء هيئة مستقلة تسمى هيئة تنظيم قطاع الكهرباء تتولّى تنظيم ورقابة شؤون الكهرباء (..) لكن لم تنشأ الهيئة حتى تاريخه، وقد مُدّدت صلاحية مجلس الوزراء بمنح اذونات وتراخيص الانتاج بموجب قوانين عدة (..)
ولا بد من التذكير هنا، أنّ في عقود شراء أو تحويل الطاقة تنحصر العلاقة بين الدولة والشركة المنتجة بشراء الطاقة بأسعار محددة لكلفة الانتاج. وعلى هذه العقود أن تخضع لقانون المحاسبة العمومية حيث تجرى المناقصات في ادارة المناقصات بالتعاون مع وزارة الطاقة على المستوى التقني وضمن الشروط والمهل المقبولة لإفساح المجال أمام مناقصة عادلة.
كما أنّ مجلس ادارة مؤسسة كهرباء لبنان انتهت ولايته منذ أيار 2017 ولم يُصر الى تعيين مجلس ادارة جديد حتى تاريخه.
ثانياً: اقتراح حزب «القوات اللبنانية» لحلّ معضلة الكهرباء في لبنان:
- تعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء ومن ثم العمل على تطوير القانون 462.
- تعيين مجلس ادارة مؤسسة كهرباء لبنان.
- تشكيل لجنة طوارئ وزارية للإشراف على تنفيذ الإجراءات المطلوبة لحل مشكلة الكهرباء، لأنّ موضوع الكهرباء في لبنان أصبح بمثابة كرامة وطنية.
- اطلاق العمل في تخفيض الهدر التقني وغير التقني: حيث إنّ أي إنتاج اضافي للطاقة هو أمر مرفوض قبل معالجة مشكلات الشبكة والجباية، كونه سيؤدي حتماً الى مزيد من الاعباء المالية على الخزينة، خصوصا أن نحو نصف كمية الانتاج تذهب هدراً.
تشمل الحلول:
- إطلاق العمل بمشاريع شبكة النقل بهدف تخفيف الهدر التقني الى أقل من 6% في أسرع وقت ممكن أي البدء بتنفيذ المرحلة الاولى (2017-2023) الذي أقرّه مجلس الوزراء في 7 ايار 2017.
- إطلاق العمل بالعدادات الذكيّة وإنهاء المشروع في أسرع وقت ممكن.
- وضع خطة مناطقية لتحسين الفوترة والجباية وتأمين مؤازرة القوى الأمنية، عند الضرورة، لإزالة التعديات والسرقات على كل الاراضي اللبنانية بحسب الخطة.
- تطوير أنظمة الفوترة لتقليص وقت الفاتورة الى 30 يوماً قبل عام 2021.
- رفع القدرة الإنتاجية على الشبكة من خلال:
- عدم التأخر في إطلاق دفاتر الشروط لبناء معامل دائمة على أن تشتمل العروض المقدمة من العارضين على حلول موقتة ودائمة في آنٍ معاً. حيث يجب النظر الى الكلفة الإجمالية على الفترة الزمنية الكاملة للعقد وليس بطريقة مجتزأة. فمحاولة الإيحاء أن الحلول الموقتة أوفر على الخزينة هي محاولة مضللة ولا تأخذ في الاعتبار أنّ الحلول المطروحة من الشركات العالمية تتضمن حلولاً موقتة وحلولاً طويلة الامد بحيث تصبح كلفتها الإجمالية أقل بكثير من كلفة الحلول الموقتة كالبواخر مثلاً.
وهنا يجب التذكير بأنّ ملكية المعامل ستعود بعد زمن للدولة اللبنانية بعكس البواخر التي لن تعود ملكيتها الى الدولة.
- إعتماد الشراكة مع القطاع الخاص.
- الإعتماد الموقت في الانتاج على «الفيول اويل» والدفع فوراً في إتجاه الانتاج على الغاز.
- إطلاق العمل لإعادة تأهيل المعامل القديمة بحسب الجداول الزمنية الموضوعة من مؤسسة كهرباء لبنان، ولكن فقط في تلك المعامل التي تأمّن تمويلها وتم اعتماد المقاولين لها.
- البدء في هذه الأثناء بإعادة النظر في نظام التقنين بالتناسب مع نسب الجباية في المناطق.
- رفع التعرفة عند زيادة ساعات التغذية.
- الالتزام بالإجراءات القانونية:
- التقيّد بالاجراءات القانونية وذلك عبر المجلس الأعلى للخصخصة كما نص قانون الشراكة أو عبر ادارة المناقصات وبالتعاون مع وزارة الطاقة والمياه. وهنا يمكن للجنة وزارية أن تشرف على سير العمل وتساعد في تقليص الوقت والتأكد من شفافية الاجراء».