لا يزال لبنان ينتظر ان تصل اليه نسائم «الربيع» السعودي – الايراني، بعدما لفحته طويلاً رياح النزاع بين هاتين الدولتين المحوريتين في الإقليم.. فهل ستطول فترة الانتظار، أم انّ دينامية الاتفاق المُعلن ستختصرها؟
بعد اتصالات هاتفية تمهيدية، التقى وزيرا خارجية السعودية وايران في بكين مجدداً، للبدء في «تسييل» الاتفاق الموقّع بين الدولتين، وهما أعلنا بالفعل عن مجموعة إجراءات تنفيذية، تدلّ إلى جدّية قرار البلدين بالانتقال إلى مرحلة جديدة في علاقتهما ترتكز على التعاون بدل التنازع.
ولئن كانت الأمور الثنائية قد طغت على محتوى بيان بكين بعد اجتماع الوزيرين، الّا انّ ذلك لا يمنع ترقّب تأثير المفاعيل المحتملة لتفاهم العاصمتين النافذتين على ساحات التماس، ومنها لبنان، الذي تصرّ بعض قواه على ربط مصيره وهوية رئيسه بإرادة الخارج، انعكاساً لعجز داخلي نافرٍ ومتمادٍ.
وتؤكّد مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، وقريبة من محور المقاومة والممانعة، انّ الاتفاق السعودي – الايراني سيكون له تأثير مهمّ جداً على المنطقة، داعية إلى الانتظار بعض الوقت لتبيان طبيعة انعكاسه على الوضع اللبناني.
وتعتبر المصادر، انّ «السعوديين ادركوا انّ التفاهم مع إيران هو السبيل الأفضل لتحقيق الاستقرار الاقليمي»، لافتة إلى انّ «ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يميل إلى اعتماد استراتيجية تصفير المشكلات، لأنّه يسابق الوقت ولم تعد لديه سوى سبع سنوات لاستكمال تحقيق طموحه المتمثل في مشروع 2030».
وتشير المصادر الديبلوماسية إلى انّ «الأميركيين اختاروا ان يمسكوا العصا من الوسط في ما خصّ موقفهم حيال الاتفاق السعودي – الايراني، فلا هم يعارضونه ولا يؤيّدونه»، معتبرة انّه لم تعد لواشنطن فعالية قوية في أغلب الساحات الحيوية ضمن المنطقة.
وتلفت المصادر إلى «من يكبر في السن يكثر صراخه وتقلّ أفعاله، والأميركي الآن يكثر من الصراخ ولكن دوره ونفوذه في المنطقة يتراجعان، بحيث انّ مليارات الدولارات التي صُرفت في العراق وأفغانستان وغيرهما لم تؤدِ إلى اي نتيجة».
وتشدّد المصادر الديبلوماسية القريبة من محور المقاومة والممانعة، على أنّ التفاهم السعودي – الايراني سيخفف قلق دول الخليج من إيران، «علماً انّه قلق غير مبرّر أساساً، لأنّه ليس من نهج طهران ان تهاجم عسكرياً السعودية أو الإمارات او البحرين، انما هذه الدول كانت عرضة لتخويف متعمّد لا يمتّ إلى الواقع بصلة».
وتؤكّد المصادر، انّ الاعتداء الاسرائيلي الذي أودى بحياة اثنين من المستشارين الإيرانيين في سوريا اخيراً لن يمرّ بلا ردّ، «سواء حصلت عملية القتل عمداً ام سهواً، وما يُناقش في طهران حالياً شكّل الردّ وليس أصله».
وبالنسبة إلى الملف الرئاسي اللبناني، تشير المصادر الديبلوماسية، إلى انّ إمكانية تأمين 65 صوتاً للمرشح الطبيعي سليمان فرنجية متوافرة «الّا انّ الصعوبة تكمن في تأمين نصاب الـ 86 صوتاً».
ad
وتعتبر المصادر، أنّ من الاحتمالات التي تظلّ واردة، ان تؤثر الرياض على رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع للقبول بانتخاب فرنجية او أقله لضمان النصاب، وذلك في حال تطورت مفاعيل التفاهم السعودي – الايراني نحو اقتناع المملكة بتسهيل وصول فرنجية إلى قصر بعبدا.
وترى المصادر، انّ السعودي يبدو اقوى حضوراً في الاستحقاق الرئاسي من واشنطن، «ومن الواضح انّ لديه قدرة على أن يؤثر في قرار بعض الكتل النيابية».
وتشير المصادر الديبلوماسية، إلى انّ إيران لا تحتاج إلى أن تتدخّل بالمباشر في الملف الرئاسي، «إذ انّها تثق في حليفيها «حزب الله» وحركة «أمل» اللذين يعود إليهما اتخاذ القرار المناسب، وبالتالي ليست هناك من ضرورة ليجول السفير الإيراني على الشخصيات السياسية من أجل أن يبحث معها في تفاصيل هذا الملف».
وتلاحظ المصادر، انّ عدداً من الأسماء التي يتمّ تداولها لتولّي رئاسة الجمهورية ليست جدّية بل هي تُطرح للمناورة. مرجحة انّه إذا حصل إقرار داخلي وخارجي بأنّ الوصول إلى الفوضى في لبنان يشكّل ضرراً للجميع، فإنّ فرص انتخاب الرئيس تصبح أقرب وأسهل.