بدا واضحاً بعد تشكيل الحكومة التناغم الاميركي – الاسرائيلي في قيادة حملة غير مسبوقة ضد لبنان واتفاق كبار المسؤولين على التسريع في عملية التأليف. وذلك من بوابة مشاركة حزب الله في الحكومة وحصوله على ثلاث حقائب. الى جانب تمثيل حلفائه في مجلس الوزراء. ولهذه الغاية تحدث الامين العام لحزب الله في كلمته مساء الاثنين عن غايات واهداف هذه الحملة، التي يراد منها ليس فقط استهداف دور وموقع حزب الله في الحياة السياسية في لبنان من خلال مشاركته في الحكومة بل ايضاً ما يراد الوصول اليه لبنانياً، من حيث محاولة زرع بزور الخلاف بين مكونات الحكومة، وبالاخص بين الحزب وبعض الاطراف النيابية اللبنانية التي لا تتفق مع بعض توجهات حزب الله بها خص سلاح المقاومة او التوجهات الخارجية.
ويقول مصدر سياسي ان ما اكده السيد نصر الله في كلمته رداً واضحاً على مزاعم الحملة الاميركية – الاسرائيلية والتي شارك فيها بعض الجهات المشبوهة لبنانياً، بحيث اسقط ما قاله الامين العام لحزب الله ما كان يريده الاميركي والاسرائيلي من محاولة زرع الفتنة والشقاق بين مكونات الحكومة كما ان موقف كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري شكلت هي ايضاً، رداً واضحاً على الحملة المبرمجة ضد لبنان وحكومته.
ولذلك، فالسؤال الذي لا بد منه، لماذا اندفع الاميركي الى مواكبة قادة العدو الاسرائيلي في حملته ضد مشاركة حزب الله في الحكومة بحقائب اساسية، وكذلك دخول بعض الجهات اللبنانية في التلاقي والتناغم مع هذه الحملة؟
وفي تأكيد المصدر السياسي ان الحملة الاميركية – الاسرائيلية جرى افتعالها نتيجة مجموعة عوامل بعد فشل الاميركي في منع مشاركة حزب الله، او الحؤول دون تشكيل الحكومة وتندرج وفق الاتي:
– القلق الذي انتاب الاميركي والاسرائيلي بعد اصرار المسؤولين اللبنانيين على الاسراع في تشكيل الحكومة، وبالتالي سقوط الضغوط التي مارسها الاميركي على كبار المسؤولين خلال زيارة مساعد وزير الخارجية الاميركي الى بيروت مؤخراً ديفيد هيل الذي مارس كل انواع الضغوط لمنع اشتراك حزب الله او على الاقل عدم اسناد حقيبة الصحة الى من يسميه حزب الله، فالديبلوماسي الاميركي كان واضحا خلال لقاءاته مع كبار المسؤولين من ان ادارته تعارض تمثيل حزب الله بحقيبة وازنة، ولذلك كان ينوي صراحة تعويم الحكومة المستقيلة.
– ان الاميركي الذي فشل في «فك» التحالف بين حزب الله ورئيس الجمهورية، أراد مع الاسرائيلي ابقاء لبنان بلا حكومة، واما محاولة ابعاد حزب الله عنها، بهدف زرع الشقاق والخلاف بين الاخير ورئيس الجمهورية، والحد من سياسة التقارب التي تحصل بين الحزب والرئيس الحريري، ولذلك يقول المصدر ان الابتزاز الاميركي لا يستهدف فقط حزب الله، بل ايضا كل من الرئيسين عون والحريري، خصوصاً ان الاميركي يدرك انه لا يمكن تشكيل الحكومة من دون الحزب، ولهذا اريد ابقاء لبنان في حال الفراغ.
ويؤكد المصدر ان هذه الحملة فشلت وسقطت في «مهدها»، بل انها رفعت من حال التضامن بين القوى السياسية المشاركة في الحكومة، وبالاخص ما بين الرئيسين عون والحريري وحزب الله والرئيس نبيه بري والتيار الوطني الحر، خصوصاً ان رئيس الحكومة هو من تولّى جانباً من الردّ على الحملة على الحكومة، وحتى – يشير المصدر – حسب معطياته الى ان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لم يكن موافقاًَ على ما صدر عن انطوان جبيلي في الولايات المتحدة باسم «القوات»، حيث يعتبر جعجع ان ما صدر عن الجبيلي ومن معه يعبر عن رأي هؤلاء فقط.
الا ان المصدر يقول ان اي طرف لبناني يتبنى او يساهم في الحملة الاميركية ضد الحكومة وحزب الله هو متواطئ مع الاميركي، وما يسعى اليه من محاولة عرقلة انطلاق الحكومة والعمل للحؤول دون اخراج لبنان من ازماته، ولذلك يجب مواجهة المتواطئين بما يتم مواجهة الحملة الاميركية – الاسرائيلية.
لذلك يلاحظ المصدر ان الحملة الاميركية – الاسرائيلية على الحكومة واطلاق التوصيفات المزعومة من انها «حكومة حزب الله» هي تعبير عن أمرين اساسيين:
– الاول: تنامي قوة حزب الله لبنانياً، وخارجياً، بعد فشل العقوبات التي اتخذتها الادارة الاميركية ضد الحزب ومؤسساته ودوره، وبالتالي، هي تعبير عن عجز العدو الاسرائيلي عن القيام بأي عدوان ضد لبنان، على الرغم من كل ما لجأ اليه مؤخراً من حملة تصعيد على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة.
– الثاني: محاولة اشغال حزب الله ومعه دفع الداخل اللبناني الى حال الانقسام الذي كان سائداً بعد اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري، على اعتبار ان ما يقوم به الحزب من دعم للشعب الفلسطيني يعتبر نقطة اساسية في فشل تمرير «صفقة القرن» التي يعتزم الاميركي محاولة تسويقها بعد الانتخابات الاسرائيلية.