Site icon IMLebanon

تأليف الحكومة الجديدة يرتكز على أساس التسوية السياسية ويراعي التوازنات السياسية القائمة

تأليف الحكومة الجديدة يرتكز على أساس التسوية السياسية ويراعي التوازنات السياسية القائمة

الحريري يحيي الآمال بقرب تشكيل الحكومة انطلاقاً من قدرته على تقريب المواقف وتذليل الصعاب

 

يتحرك الرئيس الحريري مقتبساً تجربة الحكومة المستقيلة إجمالاً مع مراعاة بعض أوجه نتائج الإنتخابات النيابية، رافضاً كل محاولات الإخلال بهذه المعادلة المتوازنة من أي طرف كان وتحت أي شعار مستحدث

يستمر مسار تأليف الحكومة الجديدة بالدوران في حلقة المطالب التعجيزية لهذا الطرف، أو محاولة تكريس وقائع وأعراف غير دستورية لأطراف أخرى تحت حجج وذرائع واهية، الأمر الذي يستهلك مزيداً من الوقت الضائع في عملية التأليف بلا جدوى ويؤخر انطلاقة الدولة بمهامها لمعالجة الملفات الاقتصادية والمعيشية ويُبقي المشاريع الملحة والحيوية تترنح بلا معالجة، ما يزيد من معاناة المواطنين وتساؤلاتهم حول مصير الحكومة الجديدة واتجاهات الوضع السياسي مستقبلاً.

وبالرغم من هذه النظرة التشاؤمية لما آلت عليه عملية تأليف الحكومة استناداً إلى مواقف الأطراف المعنية منها في ضوء الحملات الاعتراضية لهذا الطرف وردود الأطراف الأخرى التي اتسمت بنبرة تصعيدية مرتفعة في معظم الأحيان وتحديد مكامن العقدة الأساسية التي انحصرت بمجملها في الخلاف المستحكم بين رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل ومحاولاته الدؤوبة لقطع الطريق على إعطاء كتلة «القوات اللبنانية» حصتها الوزارية التي تستحقها بعد الانتخابات النيابية، ناهيك عن الإشتباك المتواصل مع كتلة جنبلاط النيابية بخصوص الحصة الوزارية الدرزية في الحكومة الجديدة، يلاحظ بالمقابل أن هناك تفاؤلاً بانطلاق مسار عملية التأليف بالاتجاه الطبيعي في القريب العاجل، عبّر عنه الرئيس سعد الحريري، باعتبار أن الوقت المستهلك حتى الآن، لا يزال ضمن المهلة المعقولة لتأليف أي حكومة كانت بينما العقد والمطالب التي تعترض عملية التأليف يُمكن في النهاية تذليلها والتوصل إلى توافق بخصوصها، لأن جميع الأطراف تريد تأليف الحكومة الجديدة مهما رفعت من سقف شروطها ومطالبها المطروحة حالياً.

وترى مصادر سياسية متابعة لعملية تشكيل الحكومة الجديدة أن عملية التأليف ترتكز أساساً على التسوية السياسية التي عقدها الرئيس سعد الحريري مع «التيار الوطني الحر» قبل ما يقارب العامين والتي أدّت إلى انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية بعد تعثر إجراء الانتخابات الرئاسية لأكثر من عامين وتأليف حكومة توافق وطني برئاسة الحريري استناداً إلى توازنات سياسية دقيقة ومتوازنة وشملت معظم الأطراف السياسيين الأساسيين والمؤثرين في المعادلة السياسية القائمة في لبنان.

واستناداً إلى هذه التسوية التي انضم إليها كل الأطراف، يتحرك الرئيس الحريري في اتصالاته ومشاوراته العلنية أو البعيدة عن الأضواء في بعض الأحيان لتأليف الحكومة الجديدة، آخذاً بعين الاعتبار التوازن السياسي الدقيق ومقتبساً تجربة الحكومة المستقيلة إجمالاً مع مراعاة بعض أوجه نتائج الانتخابات النيابية، رافضاً كل محاولات الإخلال بهذه المعادلة المتوازنة للتركيبة الحكومية الجديدة من أي طرف كان وتحت أي شعار مستحدث، أو ما يتردد من وقت لآخر عن استقواء لبعض الأطراف بالمعادلات الجديدة في الأزمة السورية لزيادة حصتها الوزارية المرتقبة والانقلاب على معادلة التسوية الأساسية، باعتبار أن هذه المحاولات أو الرغبات الاستقوائية لن تلقى أي تجاوب أو تراجع لتعديل تركيبة الحكومة المرتقبة بلا جدوى لأنها عقيمة ولن تؤدي إلى أي تبدلات أو تغييرات استناداً إلى التوازنات والتبدلات الإقليمية والدولية المتسارعة التي تحرص على دعم  التوجهات القائمة لتشكيل حكومة توافق وطني جديدة بلبنان.

وتضيف هذه المصادر أن الرئيس المكلف مستمر بالالتزام بأسس التسوية السياسية وينطلق منها لتشكيل الحكومة المرتقبة مهما تصاعدة حدة المواقف السياسية والمطالب التعجيزية والفيتوات المطروحة من هذا الطرف أو ذاك، ولن يحيد عن هذا التوجه الذى أثبت أنه التوجه الصائب في المرحلة السابقة لتأليف حكومة وحدة وطنية تضم جميع الأطراف واستطاعت بفترة توليها المسؤولية مقاربة ملفات وقضايا مهمة وحساسة كانت متعثرة بسب الخلافات السياسية المستحكمة واستطاعت البت فيها ووضعها موضع التنفيذ لمصلحة المواطنين والبلد ككل.

ولذلك، فإن الإخلال بهذه المعادلة التي انطلقت من التسوية السياسية المذكورة، سيؤدي حتماً إلى إطالة وتعطيل عملية تشكيل الحكومة الجديدة، لأن الرئيس المكلف سيرفض ذلك ولأن هذا التوجه سيؤدي إلى إدخال لبنان بأزمة سياسية حادّة ومتاهات معقدة، ستعيد عقارب الساعة إلى الوراء وهو ما يتجنبه جميع الأطراف من دون استثناء ويحرصون على عدم الوقوع فيه بالرغم من تباين مواقفهم وتعارض توجهاتهم السياسية.

وانطلاقاً من هذا الواقع، تترقب المصادر أن تتسارع حركة تشكيل الحكومة بعدما أظهر الرئيس المكلف تشدداً واضحاً في القيام بالمهمة المنوطة به استناداً إلى صلاحياته الدستورية ولأسس التسوية السياسية، وليس لأي طموحات ورغبات تتعارض معها من أي طرف كان.