Site icon IMLebanon

الفرسان الأربعة

 

 

خيطٌ لم يعُد رفيعاً يربط بين المؤتمرات الصحافية الأربعة التي عقدتها أربع شخصيات مارونية في الأيام العشرة الماضية؟ إنه السباق المحموم إلى قصر بعبدا. في أربعينات وخمسينات وستينات القرن العشرين الماضي، كان يُقال، ولو على سبيل المبالغة، إنّ أي تلميذ ضابط سوري ما أن يتقلّد سيف التخرّج و”يُعلّق” النجمة الأولى على كتفه، حتى تبدأ الأحلام تراوده بركوب دبابة تقوده إلى دار الإذاعة ليُعلن منها “البلاغ رقم 1” أي الإنقلاب الذي يُسمّيه ثورة أو حركة إصلاحية إلخ. أما عندنا في لبنان، فما أن تضع المرأة المارونية مولودها الذكر حتى تبدأ التهاني: انشالله من شوفو رئيس جمهورية! وخصوصاً مَن يهلّ هلاله في أسرة سياسية، أو مقرّبة من أهل السياسة، أو تنام على خزنة مليئة.

 

على صعيد شخصي نرى أنّ الطموح إلى رئاسة الجمهورية، وإن كان مشروعاً، هو ما يتحكّم بالمواقف كلها. وبالذات بمواقف الفرسان الأربعة الذين أطلّوا عليها بطروحات راوح مدى التوفيق فيها بين الأدنى والأوسط والأعلى.

 

الوزير جبران باسيل اتّخذ وقته كاملاً في إعداد أطروحته، والدكتور سمير جعجع أطلقها من قصر  بعبدا، والوزير السابق سليمان فرنجية أدلى بها من بنشعي، والعميد شامل روكز المعروف أنه نادر الإطلالات الإعلامية. أما السبيل فكان واضحاً هو أيضاً. تحطيم الآخرين وسائر الطامحين. بعضهم بالمباشر الفج، وبعضهم بالمداورة، وبعضهم بالدهاء والأرقام…

 

نحن لسنا، هنا، في مجال تقويم كل من الخطابات السياسية الأربعة، فالأمر متروك للناس. وللناس في ما تعشق مذاهب. وخصوصاً معظم ناسنا اللبنانيين الذين يتبعون الزعيم “عَ العمياني”، فيتغزّلون به، ويُقدّسون كلامه حتى ولو كان “يا جمل يا بوبعة” على حدّ ما كان يستشهد به أستاذنا في مادتي الأدب العربي والفلسفة الإسلامية الشاعر المرحوم أديب صعيبي (الماروني أيضاً). ومع أنّ لنا تحليلاً خاصاً لكل من تلك الإطلالات الأربع، فإننا نفيق على واقع أنّ الرئاسة لم يعد فيها كثيرٌ من القدرات والصلاحيّات. أليس أنّ رئيس الجمهورية لم يعد قادراً على تعيين محافظ أو مدير عام التلفزيون الرسمي الذي صارت حاله أسوأ من حال الجمهورية، إلا بشقّ النفس؟

 

يوم كانت الرئاسة “حرزانة” كان لبنان وطناً للإزدهار والتطوّر والثقافة والسياحة والعملات الصعبة ومنها عملتنا الوطنية.

 

وإذ نكتفي بالقول: سقى الله ذلك الزمان، نضمّ صوتنا إلى الذين يُطالبون بالمداورة في الرئاسات الثلاث…