“شاهدن الحجر قد دُحرج، وكان كبيراً جداً، ودخلن القبر“.
هكذا تعمّد الكاردينال بشارة الراعي ان يستهلّ عظة قداس عيد القيامة، لكن معظم فريسيي السياسة والزعامة المارونية لم يكونوا هناك ليسمعوه، ربما لأن حجر الإنقسامات والكراهيات يطبق عليهم داخل تلك المغارة، التي يحوكون في عتمتها قبراً لا يتسع لرئآسة الجمهورية، التي صادف يوم الجمعة العظيمة عامها الثاني من الفراغ، بل يتسع أيضاً للبنان الذي يضعون على صدره حجراً ثقيلاً!
وإذا كان الحجر الكبير لم يُدحرج عن قبر يسوع بالسلاح والعنف كما يذكّرنا سيدنا البطريرك بل بالحب الإلهي الذي إنتصر على البغض، فمن أين لهؤلاء الأبالسة بقليل من الحب في معانيه الإيمانية والوطنية، بحيث تتدحرج حجارة البغضاء والخلافات عن قلوبهم والعقول، فيتفقون وينزلون أخيراً الى مجلس النواب وينتخبون رئيساً، لنبدأ الخروج من الأزمة الطاحنة التي تحبس لبنان وراء حجارة كثيرة قد تصير قبراً ولا قيامة؟
ان الفراغ الرئآسي لم يهدم الوحدة الداخلية يا سيدنا، أن عدم توافر هذه الوحدة الوطنية هو الذي فرض هذا الفراغ، وهو الذي“يهدد موقع لبنان القانوني على المستوى الدولي” كما قال بان كي – مون، وان الرئيس هو وحده حامي الدستور ووحدة الدولة وسيادتها وان غيابه يجعل لبنان أرضاً سائبة سهلة كما أبلغتم الأمين العام للأمم المتحدة!
لكن الأهم ان يتذكر الزعماء الموارنة غير المتحدين كل هذا، فليس إفتراءً القول إن الفراغ في رئآسة الجمهورية كان إساساً صناعة مارونية تحديداً، وما قاله الشركاء المسلمون منذ البداية لا يزال سارياً وملزماً أيضاً: “إتفقوا على رئيس فننتخبه فوراً“!
هل كان هذا القول مجرد رهان ضمني على أساس ان من الصعب فعلاً أو من المستحيل ان يحصل مثل هذا الإتفاق، بين “الموارنة الأربعة الأقوياء“، وهل كان وراء هذا الرهان لدى البعض حسابات ومراهنات على ان يشكّل الفراغ مدخلاً الى تغيير الدستور عبر تحميله مسؤولية التعطيل المتمادي، اولاً بسبب الفراغ الرئآسي وثانياً بسبب النهش المتوحش للدولة وهيبتها ومؤسساتها وحيثياتها القانونية، وهو ما يوسع دائرة عدم الإنتظام على كل المستويات تقريباً؟
“الموارنة الأربعة الأقوياء“؟
وما الفائدة من قوة هؤلاء الأربعة اذا كانت تنعكس ضعفاً مدمراً على مقام الرئاسة وإستطراداً على لبنان في نظامه العالق ودستوره المُعطّل ومواطنيه المقهورين، وقد كادت الخلافات بين مكوناته السياسية مسيحية وإسلامية ان تدفن الناس تحت النفايات، بعدما أدخلت لبنان الذي كان يمكن ان يكون اليوم جنة فريدة، قاموس “غينيس” كمزبلة الأوطان؟
نعم كيف لنا يا سيدنا الراعي ان نرى بداية قيامة لبنان، اذا واصل“الأربعة الأقوياء” عراكهم في الداخل وقد بات في الخارج حراس يسهرون لإبقائهم ولبنان وراء حجر كبير؟