جزء أساسي وهام في الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، خصصه لتوجيه رسائل الى الداخل تتعلق بالملف الرئاسي والعلاقة مع القوى السياسية، فجدد الدعوة لها للتفاهم حول الرئاسة، ومع تجديد تمسكه بمرشحه سليمان فرنجية، اكد السيد نصرالله ان إيصال رئيس جمهورية “بالدبابة ليس من قناعتنا وثقافتنا ولن نفعلها”.
الشق الداخلي من الخطاب تضمن أيضا تأكيدا على عدم استغياب أحد في ملف الترسيم، مؤكدا عدم وجود مفاوضات لترسيم الحدود البرية، وان اي مفاوضات إن حصلت مع رئيس المجلس او رئيس الحكومة ستكون على قاعدة “اخرجوا من ارضنا”. ووفق مصادر سياسية فإن الجزءين من خطاب السيد هما لتوضيح الامور ووضع حد للتساؤلات التي أثيرت مؤخرا ، الرسائل طالت ليس فقط اخصام حزب الله السياسيين، بل شملت الحلفاء ودلت على استمرار الاختلاف الرئاسي بين حزب الله والتيار رئاسيا، بسبب اصرار النائب جبران باسيل على رفض فرنجية.
يستدل من مجمل ما قصده السيد نصرالله بقاء الامور على حالها بين حزب الله والتيار الوطني الحر، فالعلاقة بينهما لم تعد نفسها، وقد تعرضت لانتكاسات متعددة وتأثرت بالتحولات السياسية والمتغيرات، وبإقرار الطرفين ان العلاقة تغيرت ملامحها، لكن التواصل والتنسيق في عدد من الملفات الحيوية والأساسية قائم. و تؤكد مصادر سياسية ان هناك حرصا أكيدا من قبل الفريقين على استمرار العلاقة ضمن المستويات والأطر الطبيعية والمقبولة بينهما، على الرغم من المطبات والاختلافات.
في حديثه قبل فترة ، اكد النائب جبران باسيل ان التواصل مع حزب الله “محدود ومتقطع”، وتفسير ذلك كما يقول العارفون، ان التواصل اليوم غير منقطع لكنه ليس التواصل السابق نفسه، مع ذلك فان وصف التيار للعلاقة لا يعني أمرا سلبيا وان العلاقة متوترة بين الحليفين، لكن التيار له حساباته السياسية والمسيحية ، فيما أولوية حزب الله حرب غزة والجبهة الجنوبية، وليس في حالة “ترف” تسمح له بالتلهي بالخلافات والذبذبات الداخلية.
في قناعة العديد من السياسيين، ان ما قبل ٧ تشرين لا يشبه ما بعده بالنسبة لكل الأطراف، فهناك تحولات كبيرة في لبنان والمنطقة تفترض التنسيق والتعاون بين الجميع، وتأجيل التوترات لتقطيع المرحلة ريثما يتضح مشهد الحرب، وهذا ما يسعى إليه حزب الله اليوم المنشغل بصورة أساسية بوضع الجبهة وأمن الجنوب بمواجهة الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة.
بين الحزب والتيار ندوبات سياسية محددة، فالتمديد لقائد الجيش ازعج الحليف العوني، الذي خاض حربا كونية ضد التمديد، وبقي وحيدا دون سائر القوى السياسية، والتي قدم بها التيار طعنا . فقد سبق لميرنا الشالوحي ان عبّرت برسائل معينة عن عدم رضى من الشريك السابق، ولوح باسيل بقبوله اي تسوية رئاسية مقابل الصندوق السيادي واللامركزية الموسعة، ومع ذلك فان اهتزاز العلاقة يين الحليفين لا يعني السقوط الحتمي، فما يحصل جنوبا لا يحتمل توتير الأجواء والدخول في توترات لا ترتقي الى مستوى خطورة الوضع، ولذلك فان العلاقة بين ميرنا الشالوحي والضاحية مستقرة على مضض وهدوء حذر ، على الرغم من تحفظات كثيرة للتيار منذ مرحلة سجال التمديد.
فالهدنة التي فرضتها الحرب سارية المفعول حتى اليوم، والتيار وضع سلم أولويات وقواعد للعمل السياسي بوقف الإشتباك السياسي، وصياغة علاقة لا مكان فيها للخلاف الكبير والقطيعة في هذا التوقيت الذي لا يحتمل الخضات. ووفق مصادر الوطني الحر، فان التيار مساند ويقف الى جانب حزب الله في الحرب الدائرة، وليس صحيحا ان معادلة حرب تموز ٢٠٠٦ لا تسري اليوم على الرغم من التحولات السياسية الكبرى. علما ان التيار لم يعد الفريق المسيحي الأقوى ، ويشكو اليوم من تراجع الشعبية المسيحية ، ويتشارك الساحة المسيحية مع حزب “القوات”.
وحرصا على العلاقة وتجنبا لأي توتر قد ينشأ بين الضاحية وميرنا الشالوحي في المستقبل، وضع التيار مقاربة خاصة للمواجهة على الجبهة الجنوبية ، بضرورة التزام المقاومة قواعد الاشتباك ومراعاة الوضع اللبناني أولا ومنع الفصائل الفلسطينية من استخدام لبنان “منصة ” لإطلاق الصواريخ، لتحييد لبنان عن الانغماس في الحرب التي تريدها “اسرائيل”، وهذه المقاربة تخلق توازنا بين العلاقة بين التيار والحزب من جهة، ومراعاة الهواجس المسيحية من جهة أخرى.
وتؤكد مصادر مطلعة ان علاقة الحزب والتيار تخضع اليوم لتوازنات معينة، ويهم التيار ان يتجنب المزيد من “الخيبات” التي تؤثر على وضعه وحيثيته المسيحية، وعدم تعريض لبنان للحرب، وتفادي توتير علاقته بالدول العربية والعواصم الإقليمية.
العلاقة بين الحليفين في الضاحية وميرنا الشالوحي يتم العمل على تحييدها عن التوترات، ويجري مؤخرا شحنها بعناصر الطاقة الإيجابية لمنع تدهور الوضع.
وبالنسبة الى حزب الله لا مجال اليوم لمسايرة أحد او المساومة في موضوع المعركة مع “إسرائيل” وأي ملف يتعلق بعمل المقاومة في لحظة مصيرية من الصراع مع “اسرائيل”، وبالمقابل فان التمايز مسموح ومقبول في القضايا الداخلية فقط، من دون التعرض للثوابت والمبادىء الإستراتيجية.