Site icon IMLebanon

القاموس العوني: إعتباطية وإنتقائية وشتائم!

 

 

 

التجربة العونيّة في خرق الدستور مُتجذّرة ومُتأصّلة. الدستور بالنسبة لتلك الجماعة لا يعدو كونه وجهة نظر تتلاءم مع مصالحها الفئوية حيناً، فترفع لواء احترامه وتطبيقه، وتتعارض مع تلك المصالح أحياناً أخرى، فتخرق أحكامه، وتُسقِط بنوده حسب اللحظة السياسية ومُتطلّباتها.

 

ثقافة إحترام الدستور غير متوفرة في القاموس العوني، تماماً كما احترام حريّة التعبير والرأي الآخر. قلّما قرأت على مواقع التواصل الإجتماعي ومنصّاته المتنوّعة تصريحاً أو ردّاً لمسؤول عوني، يتضمّن حجّة سياسية أو وثيقة أو براهين، بل تراه يشمل كمّاً من الشتائم والسباب والردود الشخصية التي لا تمتّ إلى السياسة بصلة، وتعكس تالياً خواء منظومتهم الفكرية التي تمحورت حول هدف واحد: وصول العماد ميشال عون إلى الرئاسة الأولى. أمّا وقد تحقّق الهدف التاريخي لـ”التيار”، فتهون كلّ الإعتبارات الأخرى، وتتساقط الواحدة تلو الأخرى، بدءاً بالإعتبارات الأخلاقية وما يليها من إنهيارات في سلم القيم.

 

القسم الدستوري الذي تلعثم الرئيس عون في تلاوته وينصّ على السهر على حمايته، يُدَّك يوميّاً من دوائر القصر الجمهوري، كما كان يحصل قبل الإنتخابات الرئاسية، وهذه بعض الأمثلة لِمن يرغب أن يُنعِش ذاكرته السياسيّة:

 

– العماد عون كان أوّل من درج على تسمية الوزراء من منبر الرابية قبل إعلان مراسيم تأليف الحكومات، بما يُخالف الأصول واللياقات السياسيّة بحدّها الأدنى.

 

– العماد عون وتيّاره، كانا يعطّلان تأليف الحكومات لشهور طويلة تمسّكاً بحقيبة وزارية أو بشخصيّة معيّنة. وهو لم يجد حرجاً في التمسّك بمطلب توزير صهره الذي رسب في الإنتخابات النيابية لثلاث مرات، بما يُناقض الأسس الديموقراطيّة في حدّها الأدنى أيضاً.

 

– العماد عون وتيّاره، لم يتوانيا عن تعطيل إنعقاد إجتماعات مجلس الوزراء لشهور طويلة لتعيين صهره الثاني قائداً للجيش، ولم يفكّوا أسر الحكومة إلا بعدما بلغ الرجل السنّ القانونية.

 

– العماد عون وتيّاره، لم يسمحا بتوفير النصاب القانوني لانعقاد جلسات الإنتخابات الرئاسيّة، وأبقوا على الفراغ الرئاسي لمدّة عامين ونصف، ولم يسمحوا بالتئام المجلس النيابي إلّا لانتخابه هو، بعد ممارسة كلّ أشكال الضغوط على القوى السياسية لعقد التسوية الرئاسية الفاشلة بكل المعايير.

 

– العماد عون وتيّاره كرّسا عرفاً جديداً إسمه التأليف قبل التكليف، بمعنى أنّه يتولّى، بما يناقض الدستور، عمليّة التشاور مع القوى السياسيّة والمرشّحين المحتملين لرئاسة الحكومة، ثم يشرف على الإستشارات الفولكلورية التي تجرى في القصر الجمهوري لتسمية الرئيس المكلّف.

 

– العماد عون وتياره، أوّل من رفعا شعار الميثاقية، وهو لم يكن سوى غطاء شكلي وشعبوي لتمرير مطالبهم الفئويّة الخاصة، بمعزل عن مدى ملاءمة ذلك مع المصلحة الوطنية العليا.

 

– العماد عون وتياره، يجيدان الرقص على الجثث ويصرّان على تقليب دفاتر الماضي، ويرفضان التطلّع إلى المستقبل، لأنّهما بحاجة دائماً إلى خصم يُطلقان عليه النار بهدف إستمالة الشارع، والإيحاء له بأنّهما يحصّلان له حقوقه المهدورة، ويكرّسان شراكته في النظام السياسي اللبناني، بينما عملياً هذه الشراكة يؤمّنها الدستور الذي يتعاطى “التيار” معه بكثير من الإعتباطية والإنتقائية والإرتجالية والإستخفاف.

 

طبعاً، المساحة المخصّصة لهذه المقالة لا تتّسع للمزيد من الأمثلة عن السلوكيات العونيّة، يكفي متابعة وسائل التواصل الإجتماعي لمعرفة مدى التوتّر الدائم الذي تعاني منه هذه المجموعة، ولاستكشاف مستوى التخاطب الأخلاقي الذي تستند إليه في الدفاع عن سياساتها الملتوية والمريضة، وقد تشكّل الردود المنتظرة على هذه المقالة نموذجاً لما تمّت الإشارة إليه.

 

ختاماً، لقد حقّقت تجربة “الرئيس القويّ” نجاحات باهرة واستثنائية سيكتب عنها التاريخ حتماً، وسيكون عنوانها: “كنت أعلم”! يا لها من قوّة!