IMLebanon

«العوني» أحرق المراكب مع القوى السياسية ويواجه عزلة حلفائه قبل خصومه

 

لم يواجه «التيار الوطني الحر» عزلة سياسية في تاريخه، كالتي يواجهها في هذا الوقت بالذات، بعدما حرق كل المراكب مع القوى السياسية، الحليفة قبل الخصوم. وليس أدل على ذلك عمق الهوة التي تفصله عن حزب «القوات اللبنانية» بعد انهيار «اتفاق معراب»، والذي يتحمل «العونيون» مسؤولية أساسية في وصول الأمور إلى ما وصلت إليه. كما أن العلاقة في أسوأ أحوالها مع تيار «المستقبل»، على وقع تصاعد الخلاف بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، على خلفية الاتهامات بتعطيل تشكيل الحكومة، كما هي حال العلاقة التي لم تكن يوماً في أجواء طبيعية مع «الحزب التقدمي الاشتراكي»، في وقت لفت البيان الذي أصدره رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي بعث برسالة مباشرة إلى رئيس الجمهورية وفريقه السياسي بأن الثلث المعطل لا يجب أن يكون بحوزة أحد في الحكومة الجديدة، الأمر الذي فسر على أنه رسالة مشتركة من «الثنائي الشيعي» إلى «التيار الوطني الحر» بأنه مسؤول عن عرقلة التأليف، باشتراطه الحصول على الثلث المعطل في الحكومة العتيدة .

 

وتشير أوساط سياسية لـ«اللواء»، إلى أن «من أسباب هذه العزلة، خلفية التيار «البرتقالي» السلطوية، فهو يتفق مع كل من يفسح في المجال أمامه من أجل أن يتمكن سلطوياً ويختلف مع كل من يعتبر أنه يمنعه من توسيع دائرة نفوذه وسطوته على المؤسسات، وبالتالي فإن الفريق «العوني» هدفه الأول السلطة، وليس لديه إشكالية في تحالفاته، والتي تبدو متناقضة في بعض الأحيان، باعتبار أن الأولوية بالنسبة إليه هي السلطة»، مشددة على أن «الوطني الحر» باعتباره «فريقاً سياسياً، وخلافاً لبقية الفرقاء يذهب في مواجهات وخلافات مع معظم الأطراف السياسية، وهذا ما هو قائم في علاقات هذا الفريق مع الآخرين. فإما أنه يذهب باتجاه شد العصب، وإما لأنه يريد أن يأخذ كل شيء لنفسه، باعتبار أن الصراع الذي يخوضه بالنسبة إليه هو صراع سلطة».

 

وتعتبر الأوساط، أن «العلاقة بين «العونيين» و«حزب الله» هي من طبيعة استراتيجية، فالطرفان بحاجة لبعضهما البعض، لأن حصول أي تباعد بينهما، سيترك تداعياته على كليهما. فحزب الله يتجنب أي خلاف مع حليفه، لأن ذلك سيفقده الغطاء المسيحي الذي يريده، كذلك فإن التيار دون الحزب يخشى أن يتم إسقاط رئيس الجمهورية في الشارع، وأن تتكتل قوى سياسية ضده، مع الخشية من وصول رئيس للجمهورية من خارج حساباته، ولذلك فإن «الوطني الحر» يتكل على الحزب وسلاحه، من أجل تثبيت دعائم سلطته وتحقيق الأهداف التي يعمل من أجلها، في الملفين الحكومي والرئاسي . وبالتالي فإن كل خلاف أو تباين بينهما، فهو تحت سقف التحالف الذي يجمعهما» .

 

وترى الأوساط، أن «القوى السياسية باستثناء «حزب الله» تنظر إلى «العوني» نظرة عدم ارتياح للمسار الذي يتبعه، ما يجعل هناك صعوبة بالغة في إيجاد تفاهم سياسي معه للمرحلة المقبلة، فضلاً عن وجود هوة عميقة تفصله عن جمهور السابع عشر من تشرين. فهو مأزوم من الناحيتين السياسية والشعبية. وبالفعل فإنه يعاني عزلة خانقة، حيث أكدت الوقائع عقم خياراته السياسية التي تتعارض كلياً مع مصلحة البلد والناس، بعدما قدم بوضوح مصالحه السياسية والحزبية على حساب مصلحة اللبنانيين. فهو الآن لا يريد الإفراج عن الحكومة، إذا لم يحصل على الثلث المعطل، بما يقوي موقعه في الفترة المتبقية من العهد الرئاسي، في حال وصول الأمور إلى فراغ رئاسي، إذا لم يحل انتخاب رئيس للجمهورية من فريقه السياسي»

وتشدد الأوساط في الملف الحكومي، على «دخول ثلاثة عناصر سيكون لها تأثيرها في بت مصيره. الأول العنصر الفرنسي بعد اتصال الرئيس إيمانويل ماكرون برئيس الجمهورية ميشال عون، بعد اتصال الأول بالرئيس الأميركي جو بايدن، وتجديد التفويض الفرنسي المعطى في الملف الحكومي، وبالتالي فإن باريس تتحرك اليوم بقوة من أجل إنجاز التشكيل . أما الثاني فهو العنصر المصري مع سعي القاهرة لدفع عملية التأليف، بالتكامل مع الجانب الفرنسي، في حين أن «حزب الله» يعتبر أنه ليس من مصلحته تأخير ولادة الحكومة»، لافتة إلى أنه «في مقابل هذه الإشكالية، فإن الرئيس المكلف لا يريد الاعتذار، الأمر الذي يفرض على رئيس الجمهورية التعاون مع الرئيس الحريري . وانطلاقاً من هنا فإن القوى الخارجية تعمل للتوصل مع الرئيسين إلى مساحة مشتركة تفضي إلى تشكيل الحكومة» .