من موقف أمين عام «حزب الله» السيّد حسن نصر الله الأخير من ملفّ الإنتخابات النيابيّة، مُرورًا بإعادة تحريك إجتماعات اللجنة الوزاريّة المُكلّفة مناقشة مشاريع القوانين المُقترحة، وُصولاً إلى ما سبقهما ورافقهما وتلاهما من لقاءات وإتصالات، من الواضح أنّ وتيرة البحث عن قانون جديد للإنتخابات النيابيّة عادت إلى الإرتفاع في ظلّ ضغط المواعيد الدُستوريّة الداهمة، وأخطرها إنتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي المُمدّدة في 20 حزيران المقبل. فهل فعلاً نحن على أبواب التوافق على قانون جديد كما يُردّد البعض، أم أنّ ما يحصل هو عبارة عن دوران إضافي في الحلقة المُفرغة؟
مصدر نيابي مُتابع للإتصالات الخاصة بشأن ملفّ الإنتخابات أكّد أنّ إشتراط السيّد نصر الله التوافق المُسبق على قانون الإنتخابات المُقبل، يعني عمليًا إسقاط الأغلبيّة الساحقة من مشاريع القوانين المُقترحة، بسبب وجود العديد من الإعتراضات على كل منها من قبل قوى فاعلة سياسيًا، وهذا ما ينطبق مثلاً على القانون «التأهيلي» الذي يذهب البعض بعيدًا في مُعارضته له باعتباره مُخالفًا للدستور وتحديدًا لما جاء في مُقدّمته وفي المادة 21 منه، لجهة «حق المُساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المُواطنين دون تمايز أو تفضيل»، وبالتالي إنّ إقرار هذا القانون يَستوجب تعديل بعض مواد الدستور اللبناني، تجنّبًا لخطر الطعن به لاحقًا. وأضاف أنّ القانون الذي كان نال أكبر قدر من التأييد العلني، مع تسجيل بعض التحفّظات عليه هو قانون التصويت النسبي. وأشار المصدر نفسه أنّ لا مانع للتيّار الوطني الحُر للغوص مُجدّدًا في تفاصيل القانون النسبي، لكن على أمل أن يُقابل تنازل «التيّار» عن القوانين المخُتلفة التي طرحها في المرحلة السابقة، بتنازلات مُقابلة من قبل القوى السياسيّة الأخرى، لا سيّما لجهة الإستجابة لمطالبه بشأن «الصوت التفضيلي وفق القيد الطائفي» وبشأن تصغير حجم الدوائر وبالتالي زيادة عددها مُقارنة بما جرى عرضه سابقًا.
ولفت المصدر النيابي إلى أنّ «التيّار الوطني الحُر» الذي قرّر التحوّل من موقع المُبادر إلى موقع المُتلقّي من باب عدم إغلاق أي فرصة يُمكن أن تفضي إلى نتيجة إيجابيّة في الملف الإنتخابي، لن يُمانع في بحث أي قانون، حتى لو كان جرى بحثه في السابق. وأضاف أنّه في حال عودة الحديث عن القانون النسبي، فإنّ «التيّار» سيُطالب مُجدّدًا بإدخال التعديلات المناسبة عليه، ليكون مُنصفُا وعادلاً لكل الناخبين من مختلف الطوائف والمذاهب، وذلك على صعد قيمة صوت الناخب وقدرته على التأثير. وأوضح أنّ «التيّار» سيُطالب مُجدّدًا بالصوت التفضيلي وفق القيد الطائفي، وبالدوائر المُصغّرة نسبيًا في حال الإصرار على التصويت النسبي. أمّا في حال إعادة تعويم مشروع رئيس المجلس النيابي الإنتخابي والذي يجمع بين النظامين الأكثري وفق ست وعشرين دائرة، والنسبي وفق ست دوائر، فسيُطالب «التيّار» بإدخال جملة من التعديلات عليه، لا سيّما لجهة إعادة تقسيم بعض الدوائر الإنتخابيّة، خاصة الدوائر الكبرى التي سيجري الإقتراع فيها وفق القانون النسبي.
وفي ما خصّ مسألة التصويت داخل مجلس الوزراء، أكّد المصدر النيابي المُتابع للإتصالات الخاصة بشأن ملفّ الإنتخابات، أنّ «التيّار الوطني الحُر» وحزب «القوات اللبنانيّة» وبعض القوى السياسيّة الأخرى توافقوا على منح مزيد من الوقت للإتصالات القائمة حاليًا، على أمل التوصّل إلى خرق في الملفّ الإنتخابي. وأضاف أنّه في حال تبيّن لهذه القوى وجود نوع من المُماطلة المُتعمدّة، أو نوع من الدوران في الحلقة المُفرغة، فإنّ رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون لن يتردّد عند الإقتراب من إنقضاء المُهل الدستوريّة، بالطلب من الوزراء بالتصويت على مشاريع القوانين المنوّعة المُقترحة، للإختيار من بينها. وأضاف المصدر نفسه أنّ الهدف من هذه الخطوة سيكون إبعاد خطر الدخول في فراغ دُستوري، والأهم منع الجهات التي تُخطّط سرًّا لفرض قانون الستّين النافذ حاليًا كأمر واقع على الجميع تجنّبًا للفراغ الدستوري. وقال إنّ التصويت داخل مجلس الوزراء على قانون جديد للإنتخابات، أيّا يكن، سيكون بمثابة تصويت لإسقاط «قانون الستّين».
وختم المَصدر النيابي كلامه بالتأكيد أنّ الوضع دقيق، وعمليّة الأخذ والردّ مُرشّحة للإحتدام أكثر فأكثر، لأنّ القانون الذي سيصدر عن مجلس النوّاب قد يكون هو القانون المُعتمد على مدى دورات إنتخابيّة عدّة، مع كل ما لهذا الأمر من أهمّية على التوازنات السياسيّة الداخليّة.